2018 هجر أكثر من 80 مليون شخص أوطانهم هربًا من الدكتاتوريات، هو رقم مستقى من فيلم اسباني.. ليس هذا مربط الفرس، مربط الفرس في حوار يبدو ثانويًا.. ليس الامر كذلك، بوسعنا أن نرى ماهو أكثر بؤسًا، أما البؤس فيختزله الحوار التالي:
ـ كان الاشتراكي يقول انه لو كانت فرنسا قد وضعت سياجًا على امتداد جبال البرانس الفاصلة ما بين اسبانيا وفرنسا، لما مات فرانكو على فراشه.
استطرادًا، كيف كان له أن يموت؟
ـ ربما سحلاً.
ما يقوله هذا الفلم، يعيدنا إلى حقيقة ربما ستكون تجلياتها في سوريا اليوم، وفي غيرها من المواضع التي نزح شبابها عنها حتى كادت أن تُخلى من أيّة حركة مناهضة وجدية، وربما تذكرنا بتلك الحقيقة التي شهدتها مرحلة ما بعد 2011 يوم اشتغلت المعارضات على تشجيع الرحيل عن البلاد، بـ “أختام على الحدود” أو بركوب البحر، بما جعل الهجرة هي الرد على عنف الأنظمة ودمويتها، فكانت النتائج خلو الساحات من الشباب المُحتج، وترك الساحات لمؤيدي النظام وعصاباته، وربما ووفقق التعبير الدارج خلوها لحساب “البيئة الحاضنة للنظام”، واليوم، ترتفع قضية عودة المهجرين، وربما سيكون صداها الأوسع في كل من تركيا ولبنان كما في الأردن، وهي تنقسم إلى شقين:
ـ أولهما مطالبات الدول المضيفة بإعادة اللاجئين.
وفي شقها الثاني اعتراض المعارضات على حديث العودة.
وهنا سيبرز السؤال:
ـ ما الذي يضير النظام إن رحل ثلاثة أرباع السكان؟
والإجابة يمكن اختزالها بـ “كلما غادر مواطن ارتاح النظام من متطلباته” و “من احتياجاته”، و “من اعتراضه على أي مستوى كان هذا الاعتراض”.
تلك حقيقة مؤكدة، وبلا شك فإن أكثر ما يمكن أن يقلق هذا النوع من الأنظمة هو عودة اللاجئين، حتى ولو عادوا مستسلمين لاشتراطاته، وهكذا نوع من الأنظمة لابد ويبحث عن “المجتمعات المتجانسة” وكان بشار الأسد قد قالها بالفم الملآن ما يعني “مجتمعات على قياسه”، وبالنموذج الذي يختاره ، اما عن الضفة الأخرى فلابد ويبرز االسؤال:
ـ ماهي النتائج التي حققتها معارضات الخارج؟
أول هذه النتائج ارتمائها في أحضان الدول الممضيفة وشروط الدول المضيفة، وتبعيتها للدول المضيفة، وهذا حال تكشفه اليوم مؤسسات المعارضة ، حتى باتت مجرد مجموعات على “هامش الاعتراض” ، تتلقى الأوامر، وتذعن للأوامر، وتنجو من مخالب النظام بحثًا عن السلامة لابحثًا عن الحرية التي انطلقت الاحتجاجات من أجلها ورفعت راياتها، وسقط من أجلها مئات آلاف الشهداء، فيما ذهبت المطالب أدراج الرياح، ليتحوّل اللاجئ إلى استثمار مرتين:
ـ مرة للدولة المضيفة، وثانية للنظام.
هذا بعد أن خسر الناس أرزاقهم، وتاهوا في “الهوية”، فلا هم اندمجوا في المجتمعات المضيفة، ولاهم أبقوا على حالهم كمواطنين في دولة تنتهك المواطنة ومواطن يكافح من أجل إعلاء شأن مواطنيته.
ربح صاف للنظام، هدية صريحة، و:
ـ ترك النظام لـ “مجتمعه المتجاس”.