أحد عشر عاماً انقضت وجذوة ثورتنا متقدة لم تنطفئ … هذه الثورة المباركة التي أشعلتها أنامل اطفال درعا الغضة عندما كتبوا( إجاك الدور يا دكتور)على جدران مدارسهم ….كتبوا كلمات الحرّية والكرامة والعزة والفخار ، فتحركت على أثرها ماكينة القمع والبغي والطغيان لتبطش بهم وتعتقلهم وتعذبهم وترمي بهم في غياهب وأتون سجون أسد المظلمة التي لاتفرق بين الأطفال والنساء والشيوخ وبين الجناة الحقيقيين
وفي صبيحة يوم الجمعة الثامن عشر من اذار كانت الموقعة الكبرى عندما بدأت حوامات المجرم بشار الأسد بالإنزال الحر بقطعان شبيحة الموت في الملعب البلدي والبانوراما بدرعا المتشحين بالسواد وأطلقوا نيران بنادقهم في كل مكان وسقط الشهيد الأول حسام عياش على ثرى حوران وكانت أول قطرة دماء سالت في المظاهرات حيث إرتقى بعدها الشهيد الثاني محمود الجوابرة وانفجر بركان الثورة وهبَّ الشرفاء الأوفياء من كل أنحاء سوريا وبدون استثناء للفزعة لدرعا ولمقاومة الظلم والطغيان ولم يتوانى ويقصر شعبنا الواحد الأبي في مقارعة الطغاة وقدم الجميع الغالي والنفيس ومازال الأحرار صابرون صامدون ثابتون لا يحيدون عن درب الثورة الواضح حيث لا حرية ولا كرامة إلا بعد زوال الأسد ومن عاونه من مجرمي العالم.
لقد نفرت جموع المتظاهرين من شعابها وحطمت قيود الخوف والقهر وصرخت بأعالي صوتها من الجنوب فجاوب صدى سهل حوران في حقول الغوطة الغناء إلى بانياس واللاذقية والدير والحسكة والقامشلي وحمص وحماه وادلب وحلب وطرطوس فصدحت حناجرهم وتعالى هتافهم في قلب دمشق بعد أن نفضوا عنهم غبار التعب والهوان والإرهاق والصمت و الذلّ والاستعباد والقهر التي مورست عليهم طوال أربعة عقود، واليوم تمرّ علينا ذكراها وشعبنا الثائر ما لا نت قَناتُه ولا خارت عزيمته
على الرغم من قساوة ومرارة أحد عشر سنةٍ عجافٍ بتمامها وكمالها من المآسي والآلام ألمّت بهذا الشعب الحرِّ الأبيّ؛ لأنّه قام بثورة الحرّية والكرامة ضدَّ أعتى نظامٍ مجرمٍ ظالمٍ عرفته البشرية.
واليوم مع إحتفالات شعبنا السوري الحرعلى إمتداد الجغرافية السورية ورفع بيارق الثورة ، أُوغل الحقد في صدور شبيحة الأسد فأرادوا أن ينتقموا من مهد الثورة فأقتحموا مدينة جاسم من أجل إعتقال ثلة من أبنائها والذين كانوا بالمرصاد لهم وأوقعوا أفراد الشبيحة بين قتيل وجريح ،فنكسوا على أعقابهم يجرون خلفهم ذيول الهزيمة ، ويعيد أبناء حوران أمجاد الثورة في حوران مهد الثورة السورية ، محولين بذلك الإحتفال بشكل عملي صباحاً اليوم على تخوم جبل الحارة الشاهق على سهل حوران غرباً
لقد واجه شعبنا أعتى قوى الشرّ في العالم بإرادة صلبة وعزيمة قويّة حاكت خيوطها مرارة الصبر، حتى غدت ثورتنا شمعة تنير الدروب في حلكة الظلماء، ويهتدي بها كلّ من ضلّ الطريق.
لقد سَخَر شُعبنا كل مقدراته في سبيل الثورة وانتفض بوجه الظلم والطغيان، منطلقا من ثقته بأن ثَمنُ الحرّية غالٍ، وقدم الدماء الطاهرة الذكية وقوافل الشهداء على مذبح الحرية قرابين لينيروا دروب العز والكرامة والفخار.
لقد قدم الشعب السوري العظيّم أغلا ما يملك في سبيل حرّيته الذي لم يعد يتنازل عنها بعد هذا الحين حيث أيقن ان للحرية الحمراء باب بكل يد مضرجة بالدم يدق. ولن يتنازل عن الحرية التي نشدها مهما بلغت التضحيات،
لقد صدحت حناجر شعبنا منذ انطلاق الثورة، بشعارات أكدت على اللحمة الوطنية بكل معانيها … واحد واحد واحد الشعب السوري واحد… الشعب والجيش ايد وحدة ، لكن الجيش لم يكن جيشا وطنيا بوقوفه ضد إرادة الشعب وإنحيازه لنظام الظلم والطغيان…فما كان من الشرفاء من الضباط وصف الضباط والجنود إلآ أن ابتعدوا عن هذا الجيش الفئوي ذو الفكر البغيض.
لقد قام أبناء شعبنا المظلوم بكل مكوّناته، واستجمع قواه، ونظّم نفسه، ليكون جيشاً نموذجياً مع كلّ الصعاب والعقبات، وأرخص الروح والنفس في سبيل الأرض والعرض وقدّم الشهداء في سبيل الغاية النبيلة التي نذر نفسه لأجلها واختار لنفسه اسم “الجيش الوطني” ليكون خادماً لوطنه، يذود عنه بكلّ شرفٍ وأمانة وصدق وإخلاص.
وإنّنا إذ نحتفل اليوم بالذكرى الحادية عشر ونزداد إصراراً فوق إصرارنا وعزيمةً فوق عزيمتنا؛ فإنّني اناشد منظمات المجتمع الدولي أن تطّلع بدورها المنشود حيال قضيّتنا العادلة، وأن يطبّق القرارات الدولية ذات الشأن، وأن ينطلق من أن الشعب فوق كل سلطة وهو مصدرها وإن إرادة الشعب فوق الجميع … وأنّ المصلحة الدولية مع الشعب، وليست مع نظامٍ فقد شرعيته بكلّ المقاييس، ويرأسه طاغية تلوّثت يداه بدماء شعبه، دمر بنية الوطن واستباح كرامة المواطن، فلا بدّ للعالم كلّه أن يعلم أنّنا شعبٌ لا يعرف الهزيمةَ ولا الاستسلام.
ونحن نعبر السنة الاولى من العقد الثاني للثورة السورية لابد أن نستذكر الدول الصديقة للشعب السوري التي أعطت ومازالت تعطي بكل كرم وسخاء كـــ الجمهورية التركية وشعبها الأصيل التي أحتضنت الملايين من السوريين والمملكة الاردنية الهاشمية ودعم دولة قطر الشقيقة. والدول العربية الشقيقة والأجنبية الصديقة التي وقفت الى جانب الشعب السوري وحقه في نيل الحرية والكرامة
ويقيننا منا بأن كل شبر من أرض الوطن دونه حبل الوريد
وأنّه لا بد لليل ان ينجلي ولا بد للقيد ان ينكسر.
فتحيّةٌ لشعبنا الثائر، لشعبنا العظيم في يوم ذكرى ثورته المباركة، وتحيّةٌ للزُّنود السُّمْر التي تشدّ أصابعها على الزّناد، وسحقاً أبدياً لكلّ أعداء ثورتنا العظيمة.
المجد والفخار للشهداء الأبرار ولأرواحهم الطاهرة أكاليل الغار
فـــ شهدائنا هم:
الزاد الذي لا يفنى …. والرمح الذي لا يحنى
والخير الذي لا ينكفئ … والنور الذي لا ينطفئ
الحرّية للمعتقَلين، والشفاء العاجل للجرحى.
عاشت سوريا التراث والحضارة حرّة أبيّة، والنصر لثورتنا المجيدة العظيمة المباركة.
تقبل الله شهداءنا وجعلهم من الأحياء عند ربهم يرزقون
تحيةً إلى من مازال على العهد والوفاء لدماء الشهداء