[بقلم د. محمد حاج بكري]
سوريا قبل الأسد من الدول المتطورة و المتقدمة وخاصة في مجال السياسة سواء من ناحية تعدد الأحزاب السياسية و الانتخابات الحرة النزيهة و إحدى دول التأثير على مدى التاريخ العربي يرتبط تاريخها بمراحل التطور الذي مرت به الأمة العربية منذ القدم ويشكل موقعها ممرا رئيسيا من أوروبا و آسيا إلى الشرق الأوسط و المنطقة العربية لذلك فإن الأمن القومي العربي طالما كان رهينة بأحداث سورية و لموقعها أهمية كبيرة خاصة في نطاق آسيا العربية فجميع المواصلات البرية و الجوية القادمة من شبه الجزيرة العربية و بلدان الخليج العربي و الأردن و العراق تمر بها أو تنتهي على موانئها البحرية .
كانت سورية بلد الازدهار و الحضارة من الناحية الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية و حقوق الإنسان و المجتمع المدني و مؤسساته و التطور العمراني و الحضاري و كان دخل الفرد السوري من أعلى المستويات قياسا إلى بلدان الوطن العربي بالإضافة إلى الدخل القومي و مستوى البطالة شبه المعدوم و أصبحت قبلة للعرب و الأجانب بلد تميز بالأمن و الاستقرار و العلم و المعرفة حتى وصول حافظ الأسد إلى السلطة عام 1970 .
لا أدري ماهي الطريقة أو الأسلوب الذي يجب أن نعتمده لنعبر عن حقبة ظلامية امتدت لحوالي نصف قرن من الزمن من حكم حافظ الأسد و ابنه فقد تختلف المسميات و الأوصاف و الطغيان و الاستبداد و التسلط و التفرد في الحكم و البطش و الإرهاب و القمع لكنها جميعا تتفق على أنها سمة لهذه الحقبة من الزمن في إدارة السلطة و السيطرة السياسية التامة للأسد كحاكم أوحد قسري تحكمي يتعارض مع أبسط مبادئ الحرية السياسية و الحكومة الدستورية و حكم القانون و نحاول هنا أن نلقي الضوء على مفهوم هذا الحكم و الكشف عن خصائصه و آليات عمله بسبب ما آلت إليه سورية .
مقدمة :
لقد ظهرت فرضيات كثيرة تبرر السلطة لكنها اشتهرت بثلاثة علماء هم توماس هوبز و جون لوك الإنكليزيان و الفرنسي جان جاك روسو و سنحاول أن نتعرف باختصار على رأي كل منهم منفردا .
1- توماس هوبز : ويعتبر أن الإنسان أناني و محب لنفسه لا يعمل إلا بقدر ما يحقق مصلحته الشخصية و أن الحياة البدائية قد سادتها الفوضى و سيطر الأقوياء على الضعفاء و النتيجة التي تؤدي إلى فناء الإنسان حال دونها غريزته التي تدفعه للبقاء و لهذا السبب تولد لدى الأفراد فكرة التعاقد أي أن يعيشوا تحت رئاسة أو قيادة واحد منهم متنازلين له عن حقوقهم و حرياتهم و يعتبر هوبز أن هذا العقد ملزم لجانب واحد و هو الأفراد و أراد بهذا التفسير أن يبرر سلطة الحاكم المطلقة و أن كل ما يأمر به الحاكم هو خير و ما ينهى عنه شر و عليهم الطاعة و الامتثال .
2- جون لوك :
اتفق مع هوبز على موضوع العقد الاجتماعي والحالة النظرية للمجتمع و اختلف معه في وصفه أن الحالة الفطرية تخلق الفوضى و يرى لوك أن حياة الفطرة كانت جيدة وأن الناس رغبوا بحياة أفضل وتحقيقا لذلك سلكوا طريق التعاقد فيما بينهم من أجل إقامة سلطة وعلى هذا الأساس يكون التعاقد تم بين طرفين الأفراد من ناحية و الحاكم من ناحية أخرى وهذا العقد ملزم للطرفين أي أنه أراد تحقيق سلطة الحاكم المقيدة فالحاكم ملزم بتحقيق العدل و الحفاظ على حقوق الأفراد و بدوره فأن الأفراد ملزمين بطاعة الحاكم طالما هو يعمل بحدود العقد المرسومة فإذا تجاوز الحاكم تلك الحدود كان من حق الأفراد مقاومته و الاعتراض عليه .
3- جان جاك روسو :
التعاقد عند روسو هو إحلال الإرادة العامة الجماعية محل الإرادة الفردية كما أن غرض التعاقد هو تنازل كل فرد عن كافة حقوقه الطبيعية للمجتمع و بما أن هذا التنازل يتم دون تحفظ من قبل الأفراد فليس لأي منهم أن يطالب بشيء و ذلك لتحقيق مبدأ المساواة بين الجميع وإن تنازل الأفراد عن حقوقهم الطبيعية يقابله حصولهم على حقوق مدنية يقرها الحق العام الذي أقرته السلطة أو الدولة .
و نظرا للتداخل تم تقسيم البحث إلى ثلاثة أقسام:
1- مفهوم حكم الأسد و سبر أغواره .
2- صفات وخصائص حكم الأسد .
3- الطرق والأساليب المتبعة من قبل الأسد للتسلط و الاستيلاء على الدولة و الشعب .
القســــــم الأول مفهوم حكم الأسد و سبر أغواره : نستطيع أن نجد الكثير من العبارات و المواصفات لحكم الفرد المطلق من استبداد وطغيان و قهر و ظلم و قد يختلف البعض في تسميتها لكنها بالمجمل مرتبطة ارتباطا وثيقا ببعضها لتشكل شخصية الأسد لذلك سنتبين الواقع من جهتين اثنتين .
أ- تفرد الأسد في حكم سوريا
ب- تداخل حكم الأسد مع مفاهيم أخرى
1- تفرد الأسد في حكم سوريا : اعتمد حكم الأسد على مركزية السلطة و القرار و ساعده في ذلك مجموعة من الأفراد المقربين منه من أبناء طائفته فسيطر على مكونات الدولة دون أي شراكة مع أي كان مؤسسات أو أفراد منتخبين أو معينين فهو المسؤول عن جميع المناصب السياسية و الإدارية و العسكرية و الاقتصادية و القضائية و العلمية و لا مكان في هذا الفضاء لأي مؤسسة فهي الغائب الحاضر إلا أنها تتصف بالهشاشة فالأسد سيطر عليها و على من يترأسها بحيث تعمل وفق آليات خاصة رسمها لتجعل منها صورة أو أداة في يده .
وتم تشكيل شبكة من الأشخاص الذين يدينون بالولاء مباشرة له فتولوا بالتفويض استكمال دائرة الشبكة الحاكمة حتى أصبحت كامل الدولة مركزة في يده و بلا حدود و هذا لا يعني غياب القوانين و الدساتير بل يعني قدرة الأسد من الناحية العملية على تخطيها رغم وجودها فلا توجد رقابة أو هيئة مسؤولة عن تصرفاته أو لديها القدرة على محاسبته أي أن السمة الأساسية هي تحكمه بالسلطة و السيطرة عليها بالقوة .
و إذا تمعنا بطبيعة الأسد و حكمه نرى أنه مال إلى الوحشية و الإسراف في استخدام القوة ضد المجتمع السوري و الذاكرة مملوءة بخزان من الألم و القهر بدأ من حوادث حماه و جسر الشغور و حلب و اللاذقية ( جبل الأكراد ) بالإضافة إلى مصلحته ومصلحة عشيرته وطائفته التي تقدمت على مصلحة الوطن و السوريين فأطبق أمنيا على كل مفاصل الحياة صغيرها و كبيرها و عمد إلى خلق ثقافة ألوهية القائد الخالد الأب الرمز بدأ من مرحلة الطلائع التي تخص طلاب المرحلة الابتدائية حتى شمل كل الفئات العمرية في المجتمع و استبعد كل من ناوئه مهما بلغت درجة علمه و ثقافته و وطنيته إما بالقتل أو بالسجن أو بالتهجير و أهدر مبدأ المساواة في حق المشاركة لإدارة شؤون الدولة و المجتمع و أصبحت الدولة بمثابة إقطاعية خاصة و موظفي الدولة هم حاشيته و القائمون على خدمته .
لقد اعتمد الأسد على سماته الشخصية في الحكم بدلا من الاعتماد على المحددات البيئية و الاجتماعية و الاقتصادية المحيطة وامتلك قوة كبيرة بفعل السيطرة و الإرهاب في عملية تحديد قواعد اللعبة السياسية و كيفية اختيار الآليات المناسبة للقيام بدوره و تأديته لهذا الدور مستغلا القانون و الأجهزة الأمنية القمعية لتحقيق أهدافه .
2- تداخل حكم الأسد مع مفاهيم أخرى : التهم الأسد السلطة و الدولة و حولها إلى دولة أمنية جمع السلطات بيده وهو فرد حاكم غير منتخب بشكل شرعي أي عبر منافسة حرة و شريفة فتلاشت الحدود الفاصلة بين السلطة التشريعية و التنفيذية و القضائية و دمجت السلطة و الدولة عبر قوة واحدة تتمثل بالقوة التي يملكها الحاكم و تم تحويل وظيفة الدولة من تأمين سلامة المجتمع و الأفراد أي سلامة العيش و الأمان و حماية الأفراد و الجماعات و ممتلكاتهم إلى نهب للمجتمع عبر أشخاص السلطة و الطائفة بحيث تصبح الدولة و السلطة مندمجتين الواحدة في الأخرى لأهداف ذاتية فردية أو طائفية تحمي اللصوص و السارقين و تتحول إلى مافيا بدلا من خدمة وحماية المجتمع ككل للعيش بأمان و رفاهية على جميع مستويات العيش ونواحيه و هكذا تداخل هذا الحكم مع الطغيان فالأسد كان طاغية بامتياز لا يعترف بقانون أو دستور و هو أعلى منهم جميعا ويحكم الناس قهرا و قسرا معتمدا على ألوان جلدته الطامحين إلى التمتع بمزايا السلطة و هكذا سادت الدكتاتورية و تداخلت مع حكمه من خلال التعسف و السيطرة على الحزب و الدولة فكان بيده كل القرارات السياسية و الاقتصادية و غيرها و هو القادر على فرض الطاعة على كل المواطنين ليقبلوا صاغرين كل ما يصدر عنه بالإضافة إلى تداخل حكمه مع الاستبداد فهو لا يخضع لعملية ضبط أخلاقي أو رقابة دستورية بل عمد إلى التدمير المنظم المنهجي لكل أشكال التنظيم الاجتماعية و خاصة المستقلة منها و على الفرض القسري لتنظيمات بديلة لها الأمر الذي أدى و ساعد إلى هيمنة شاملة على المجتمع و الفرد و إقامة تنميط بنيوي أحادي يتحول المجتمع بمقتضاه إلى قطيع ليس أمامه إلا الامتثال و الخضوع فالحكم قد تأسس في جوهره على أهوائه و نزعاته الشخصية و شرعيته مبنية على الخوف لأنه في الأساس دافع عن مبدأ اللاشرعية في استخدام السلطة كونه غير منتخب و لا يمثل غالبية الشعب و بالتالي يتم مخالفة القانون الذي من المفروض أن تسهر الدولة على تطبيقه و لكن عندما يخالف القوانين أشخاص يمثلون القانون هنا تنكشف عورته و يقوم باستخدام العنف في سبيل الاحتفاظ بالسلطة هذا لا يمكن أن يحدث في دول أخرى و بالتالي فالدولة الأمنية هي تحصيل حاصل لعدم احترام القانون و تعيش ضمن إطار الخوف من أن تأتي دولة غير أمنية و سلطة شرعية لمحاسبة هذه اللاشرعية و نضيف إلى ذلك وجود نواحي تربوية و نفسية لفعل الاستبداد تتعلق بنشأة و فقر الأسد من أصل منبته فهو يحكم دون اعتبار لأية قيود موجودة سواء كانت عرفية أو قانونية أو دستورية و يعلو عليها جميعا و يعطلها و يجمدها أو يلغيها وفق مزاجه و ما تقتضيه مصلحته و تداخل حكمه مع الاحتكار كالسياسة فالأسد قضى على كل أشكال المعارضة السياسية في المجتمع السوري منذ استيلائه على السلطة عام1970 واستمر هذا النهج في عهد ابنه بشار فهو قد ورث لا شرعية السلطة و الدولة الأمنية فأمات السياسة و استمر على نهج أبيه بنقلها من الحيز العام إلى الحيز الخاص و احتكار الحق و الصواب و طغيان الخطاب الأحادي الرافض لكل خطاب مواز أو معارض مما أدى بالمجتمع إلى الانكفاء على نفسه و الانعزال عن مجرى الأحداث الفعلي و التحول إلى حشد من الرعايا للتصفيق و التمجيد مع العلم أن هذا الانكفاء هو نوع من أنواع عدم الاعتراف بالسلطة وعدم الموافقة على شكلها الأمني العنفي الإجرامي و حقيقة إن حقيقة البحث الموسع في تداخل حكم الأسد مع كل أساليب القمع و الطغيان و الاضطهاد يحتاج إلى مجلدات كثيرة .
القسم الثاني :
صفات و خصائص حكم الأسد : ميز الأسد حكمه بمجموعة من الصفات و الخصائص فأبرزته عن غيره لذلك قسمنا البحث إلى ثلاثة أقسام
1- السمات المميزة لحكم الأسد
2- الخصائص العامة لحكم الأسد
3- تفسير النزعة التحكمية لحكم الأسد
أ- السمات المميزة لحكم الأسد :
أ-التحكم و بقبضة حديدية على السلطة و اقتصارها على ذاته مع بعض المقربين من أبناء عشيرته و طائفته الذين يثق بهم و تركيز القوة السياسية بيده و إقامة جهاز أمني قمعي عن طريق زرع المخبرين في الشوارع و ضمن العائلة و المقهى و المدرسة و الجامعة بحيث أصبح المجتمع مجتمع مخابرات أي مطلوب من كل فرد مراقبة الأفراد الآخرين حتى لو تعلق الأمر بأفراد الأسرة الواحدة و قد امتد ذلك إلى الخارج ليشمل البعثات العلمية بزرع عناصر أمن بين الطلبة و القيام بالتجسس على تصرفاتهم و أفكارهم ناهيك عن السفارات و القنصليات و يعود ذلك إلى عدم شرعية السلطة فاغتصاب السلطة و احتكارها من قبل فئات انتهازية و وصولية و ذو سلوك إجرامي هو وراء هذه الأمننة .
ب – إلغاء أو إهمال القاعدة التشريعية رغم تعينها من طرفه عن طريق قوائم الانتخابات و التزوير و رغم وجودها الصوري فهو
عادة ما يلغي الدستور في ممارسته العملية ليحل محله بناء قانوني جديد يخدم مصالحه و مصالح حاشيته
ج – القضاء على الكينونة الإنسانية و تشويه القاعدة الأخلاقية الضرورية لتنظيم المجتمع لذلك انقلبت كل المفاهيم فأضحت المخازي مفاخر تعاريف جديدة ملأت الحياة السورية كالشطارة في التحايل على القانون وانتشار السلبطة و البلطجة و ادعاءات القرابة من المسؤولين و صناع القرار و أصبح المواطنين المحافظين على أخلاقهم أغبياء
د – إلغاء الحريات المدنية و تقييدها بدرجة كبيرة حتى أصبح كل مواطن سوري ( مدان تحت الطلب ) فانت مدان لسبب لا تعرفه وتستطيع الأجهزة الأمنية سجنك و تعذيبك بدون أي سبب عن طريق تقرير بسيط من مخبر ما ودون وثائق وثبوتيات .
ه – القضاء على كل الأنشطة التي تقع خارج دائرة النظام و إحاطة الأسد بهالة من الصفات التي تجعله معصوما و أقدر من الجميع على الصواب فهو أمل الجماهير و يمثل الإرادة العامة وصولا إلى مرحلة التأليه و يظهر ذلك من خلال الشعارات التي رفعت و على سبيل المثال ( حلك يا الله حلك تحط الأسد محلك )
ك – عدم وجود فاصل بين الأسد و الدولة أدى إلى تكريس درجة علية من التحكم و الهيمنة و صولا إلى التدخل في الحياة الشخصية و إلغاء دور الفرد في الحياة انتهاء بإلغاء دور المجتمع و من ثم لا طموح لفرد أو مجتمع ككيان سياسي و اجتماعي مما أدى إلى سيطرة الاندفاعية و الانفعالية بصناعة القرار
ل -السيطرة على وسائل الإعلام و الاتصال لتسيس الفكر و توجيهه و فرض واجب الطاعة و التخويف و الاستخدام لوسائل الإرهاب و القمع المتمثلة بأجهزته و على رأسها الأمن العسكري و أمن الدولة و الأمن السياسي و المخابرات الجوية بالإضافة الى الأفرع الأخرى التي يصعب حصرها و ذكرها لكثرتها للقضاء على أي معارضة أو حتى مجرد التفكير مع ادعاء ضرورة ذلك تحت ذريعة المؤامرة و الاستهداف من الخارج و حالة العداء الدائمة التي يعيشها الشعب السوري مع مختلف الكائنات الحية الموجودة على سطح الأرض بهدف الوصول إلى إقناع الشعب طواعية أم قسرا بإيديولوجية الحكم و صوابية قراره .
ب- الخصائص العامة لحكم الأسد : نظام الأسد نظام تسلطي استبدادي قمعي دموي غير صالح له مجموعة من الملامح كالآتي
أ- هو حكم غير شرعي و لا يستند إلى قاعدة شعبية و جماعية يستند إلى المحافظة على قوته الأمنية القمعية لتحقيق الاستقرار و لا يهتم بآمال الجماهير و أحلامها و تحقيق التنمية في الدولة و مستوى الدخل إلا من الناحية النظرية و الإعلامية
ب- يعبر حكم الأسد عن شبكة من العلاقات التي ربطته ليس بجمهور المحكومين كما هو مفترض إنما بمجموعة من المنتفعين والأتباع الذين يشكلون معه آلية الحكم و يكون المدخل الرئيسي في هذه الحالة عبر علاقات التبعية و السيطرة و الولاء و الصفة الأساسية للحكم القاعدة الضيقة و العلاقات الصامتة على الرغم من وجود شبكة تفاعلات و علاقات و تنافس من أجل الوصول إلى أعلى المناصب
ت- ممارسات الأسد تؤدي بالنتيجة إلى اقتتال و صراع عنيف ينذر منذ زمن بعيد باقتراب الحرب الداخلية و التنازع و من المنطق ازدياد معدلات العنف السياسي في حكم الأسد بدأ من أحداث حماه التي راح ضحيتها ما يقارب الأربعين ألف من المدنيين بالإضافة إلى مجازر أخرى متعددة في مختلف المحافظات السورية
ث- تميز حكم الأسد بالاغتيالات السياسية و شكلت عمودا أساسيا من أعمدة استمرار حكمه و لم يردعه حاجز جغرافي فمارس الاغتيال في الداخل و الخارج كما لم يردعه حاجز دبلوماسي ( اغتيال السفير الفرنسي في لبنان ) و ذاق اللبنانيين من طعم اغتيالات الأسد اكثر من غيرهم بدأ من المعلم كمال جنبلاط و الرئيس بشير الجميل و المفتي حسن خالد و الرئيس الشهيد رفيق الحريري و عشرات الأسماء الأخرى من المفكرين و المثقفين هذه المسيرة الإغتيالية تستند إلى فلسفة أسدية قوامها أن الاغتيال هو الحل الأسهل لأي عقدة وأنه رسالة رادعة و أن لا عواقب حقيقية عليه وأن الذاكرة في هذا المجال تبقى قصيرة بحيث يمكن لأي تبدل في المصالح أن يجعل أهل الضحية في مقلب آخر و أن يجعل قضيتهم محفوظة أو مهملة في الأرشيف الأسدي مع العلم أن قرار الاغتيال هو قرار سيادي بمعنى أن الأسد هو الذي يصدره بشكل مباشر لا لبس فيه و ليس بشكل إيحائي أي أنه صاحب القرار الوحيد في الاغتيال بالإضافة إلى كيد المؤامرات و الخروج عن المألوف في الحياة السياسية و هي خصائص عضوية جوهرية ترتبط ارتباطا وثيقا بالأسد و من المؤكد أن النخبة السياسية بشكل عام تعاني في ظل هذا الحكم من عدم الاستقرار و غياب الأمن السياسي فهؤلاء الذين يتمتعون بمزايا سياسية أو اقتصادية و يخشون ضياعها ينخرطون في أعمال تآمريه لحماية مصالحهم من خلال التودد و التقرب إلى رأس السلطة و من جهة أخرى فالأشخاص الذين استبعدوا من مناصبهم السياسية أو خسروا مزاياهم التي كانوا يحصلون عليها يكونون أكثر استعدادا للتورط في أعمال الاغتيالات و المكائد مع العلم أن الأسد يتبنى ممارسات سياسية هجومية على خصومه لحماية نفسه فيلجأ إلى التطهير و القمع و التصفية الجسدية لكل من يعارضه
ت- تفسير النزعة التحكمية لحكم الأسد :
إن ظاهرة حكم الأسد هي عملية كشف و تفسير و تحليل لظاهرة اجتماعية و سياسية معقدة تخضع لاعتبارات الزمان و المكان و يتداخل فيها الشخصي و الاجتماعي و العقلي مع السلوكي و القاسم المشترك هو النزعة المتسلطة المستبدة انطلاقا من مبدأ العلاقات العامودية التي تسود حياة الأسرة و المجتمع و الحياة السياسية بصورة عامة و تأخذ هذه العلاقات طابع القوة والإكراه وتتجلى في صور العنف بأشكاله النفسية و الجسدية و يأخذ التسلط و الإرهاب طابع الممارسات القمعية و العدوانية و غير ذلك من الممارسة التسلطية و من أهم الفرضيات التي تناولت هذه الظاهرة هي الآتي :
التفسير النفسي
التفسير السيكيوباتي
التفسير الاجتماعي
التفسير النفسي : يعتقد الباحث في علم النفس التحليلي مانفريت كيت دوفري بأن الشعور المخادع بالجبروت المترافق مع القوة كفيل بإغراء أي إنسان و يكون لهذا الشعور تأثير هدام خاصة لدى أولئك الذين سبق لهم الإحساس من المعاناة بالدونية و الإحباط في مراحل مبكرة من تكوين الشخصية و يشكل الوصول إلى السلطة لديهم تحقيقا و إثباتا لذاتهم فيقوم الطاغية بشكل لا واع بالعمل على خلق بيئة مريضة تركز على عظمته و إنجازاته بشكل مبالغ فيه للتعويض عن إحساسه بالنقص و الدونية لكن هذا سرعان ما يصبح غير كاف مما يدفع الطاغية إلى تعديل هذه البيئة للحصول على إشباع أكبر لشهواته مستعملا سلطته المتعاظمة لإحاطة نفسه بشخصيات وضيعة لا تعرف سوى الرضوخ و التسبيح بحمده و ضمن بيئة كهذه يصبح ذو سلطة مطلقة وتتضاءل بذلك قدرته على الإحساس بمعاناة الآخرين و التعاطف معهم إذ يصبح هو مركز كل إتمام بالإضافة إلى إحساسه بأن ما يراه و يعتقده يستحق التضحية لأنه دائما على صواب حتى لو كلف ذلك زهق مئات الآلاف من الأرواح و يعيش دائما في خلل مع تركيبته النفسية و العاطفية و يبدو ذلك واضحا في عدم مقدرته على التصرف مع الحدث فهو يضحك و يقهقه عندما ينبغي له أن يكون جادا و يحاول استعمال مفردات جذلة ذات دلالة دينية أو علمية لكن جوفاء لا تخدع أحدا و تدل على خوائه الأخلاقي و الشاهد على ذلك الطبقة التي تحيط به إذ لا يوجد ضمنها شخص ذو قيمة فكرية أو علمية أو أخلاقية
بالنسبة للأسد باعتقادي الشخصي فهو قد وصل إلى مرحلة متقدمة من العته و الاعتلال النفسي في وقت أقصر نسبيا من الوقت الذي احتاجه طغاة آخرون و تبدو ملامح ذلك جلية في شكله و حديثه و كذبه الذي فاق الوصف و أرى أن تتم معاينته قريبا في حمص ( باب دريب أو باب سباع أو الخالدية أو بابا عمر ) أو في اللاذقية ( جبل الأكراد ) أو في أي مكان من أرض سورية على يد ثوار سورية الأبطال حيث سيتم معالجته من أمراضه و بشكل نهائي .
التفسير السيكيوباتي : هناك نوع من الأفراد يتصف بسلوك غير سوي فهو شخص منعدم الضمير تماما يضحي بأي شيء من أجل مصلحته و يتصف بعدم القدرة على التوافق مع ضوابط و أنظمة المجتمع و هو عنيف ومخادع و غير مسؤول ولا يستفيد من تجارب الآخرين أي غير قابل للتعلم
هذه الشخصية متطرفة لأن التطرف يشبع حاجتها الإجرامية من سرقة أو نهب أو قتل و الشخصية السيكيوباتية مركبة من عنصرين رئيسيين هما حب السيطرة و العدوانية و ترجع خطورة السيكيوباتي إلى أنه أستاذ في الكذب و ممثل بارع وفنان في اختلاق المبررات التي يغطي بها أفعاله و يحاول أن يلبس ثياب الفضيلة فهو يسرق دون أن يكون محتاجا للنقود ولكن لمجرد السرقة و هناك تداخل بين حالة السيكيوباتية و حالة السادية و يشير إلى ذلك الشعور بالرضى و النصر في كل مرة ينفذ فيها جريمته و مع ذلك يبقى هناك صفة مستقلة تفرق بين السيكيوباتية و السادية و ذلك أنه في حالة السادية البحتة يمارس المصاب عدوانية على الضحايا في نفس البيئة التي يعيش فيها أما السيكيوباتي فإنه لا يكتفي بالبيئة التي يعيش فيها بل يمكن أن يخسر الكثير من الجهد و المال في سبيل اختلاق الموقف أو الظروف التي تمكنه من الضحية لبلاد بعيدة لو لزم الأمر .
و في حال شعور السيكيوباتي أن الأمور مستقرة يشعر بأن هذا الوضع خاطئ وغير طبيعي و هو من أخطر الشخصيات على المجتمع و لا يهمه إلا نفسه و ملذاته و ينتهي به الأمر إلى السجن أو القبر و هو شخص تضعف عنده وظيفة الضمير و هذا يعني أنه لا يحمل في داخله مكونات الدين و الأخلاق و هو في ميل دائم نحو الغرائز و إلى ما تصبو إليه نفسه دون الإحساس بالذنب ويعطي وعودا كثيرة دون أن يفي بشيء منها و مليء بالتخبط والأفعال الغير أخلاقية أي بمعنى عام هو مريض بالإجرام و العدوانية و حقيقة هذه الصفات تتلاءم مع شخصية حافظ الأسد و ابنه بشار من بعده لذلك نستطيع أن نصفهم بالسيكيوباتية
التفسير الاجتماعي : وهذا التفسير يتعلق بأن الاضطراب و عدم التوازن أو التركيب الاقتصادي و الاجتماعي للمجتمعات ربما يولد أنظمة تسلطية أي التطور الاقتصادي و الاجتماعي الذي لا يصاحبه تطور في النظام السياسي قد يؤدي إلى ولادة أنظمة قمعية تسلطية مستبدة و هذا التفسير يرى جانبا واحدا من الصورة و هو أن تأخر التطور في النظم السياسية يهدد مشروعية النظام السياسي و من ثم تصبح مشروعيته السياسية و القانونية في أزمة حقيقية لذلك يلجأ الحكام إلى التسلط والإرهاب والقمع حفاظا على سلطتهم .
القسم الثالث
الطرق والأساليب المتبعة من قبل الأسد للتسلط و الاستيلاء على الدولة و الشعب :
إن حكم الأسد لسوريا يتعلق بمفهوم الراعي و الرعية فتسلط على الشعب بداعي تحقيق آماله في الاستقرار والأمن فلذلك لجأ إلى أسلوبين
1- أسلوب الترويض
2- أسلوب الترهيب
1- أسلوب الترويض: وهو أحد الأساليب التي لجأ إليها الأسد في سياسته ضد سوريا لضمان الاستجابة الدائمة لقراراته وسياساته ولتوجيه الشعب إلى الهدف الذي يريده وليس الهدف الذي يسعى إليه الشعب أي الأسلوب الذي يضمن له بقاء الشعب تابعا لسيطرته و لتحقيق ذلك اتبع ما يلي:
- البيروقراطية
- التنشئة الاجتماعية و السياسية
- الإعلام
- الدين
- الفساد
البيروقراطية : و هي موجودة مع وجود الأسد في السلطة و مبنية على هيكل إداري شديد التعقيد و المركزية يستند إلى سلوك تنظيمي يتسم في مجمله باللامبالاة وضعف الأداء الأمر الذي قاد إلى تجذر موروث من عدم الكفاءة و عدم الفاعلية يتبادران إلى الذهن كصورة مدركة حال ذكر الجهاز الإداري في سورية و تعتبر البيروقراطية جزء من التوليفة السياسية و تنفيذ السياسات التي يمليها الأسد حيث أنها تعمل تحت مظلته و تواجه قدرا محدودا جدا من النقد باعتبارها ليست مسؤولة أمام أي جهة بصفة عامة وإذا وجدت هذه الجهة فهي صورية شكل بلا مضمون لذلك كان النظام الإداري مترهلا و هو يعد نقطة ضعف مركزية يجب تلافيها بعد نجاح الثورة السورية .
وليس تضخم الجهاز الإداري للدولة و سوء توزيعه المعضلة الوحيدة للبيروقراطية الأسدية إذ يضاف إلى ذلك ارتفاع تكلفة العمالة مع تدني إنتاجيتها وعدم وضوح العمل في الإدارة الحكومية و غياب معايير تقييم الأداء إلى جانب تعقد الإجراءات دون سبب حقيقي و سوء أساليب و معايير اختيار القيادات الإدارية وإهدار حق الجماهير في المشاركة بإدارة الخدمات و الرقابة على أداء وحدات الإدارة الحكومية و عدم تناسب الأجور و المكافآت للعاملين مع الأهمية النسبية للأعمال التي يقومون بها ومع هيكل الأسعار بشكل لا يخفى على أحد الأمر الذي أدى إلى ازدياد معدلات الفساد الإداري و شيوع مظاهره في مختلف القطاعات و المستويات الإدارية في سورية و من خلال النمو السرطاني لجهاز الدولة الإداري أصبح أداة فعالة بأيدي الحكم الأسدي في مجال الضبط و التحكم السياسي و الاجتماعي الذي يجعل كل السلطة مصدرها قائد واحد و يستمد الآخرون نفوذهم في السلطة من مدى قربهم منه و ولائهم له و على هذا الأساس تبنى الاتجاهات السياسية و المهنية و البيروقراطية من الأعلى إلى الأدنى و يتم إحالة كل شيء إلى المرجع الأعلى .
إن خلق الوظائف هو هدف بحد ذاته دون أي اهتمام لما يفترض أن يقوم شاغلوا هذه الوظائف و كان الأسد يوظف أفراد عاملين أكثر مما تحتاجه القاعدة الاقتصادية و الخدمية و هذا الفائض ليس أمامه سوى الالتحاق بالبيروقراطية و قبض جزء لا يستهان به من النفقات العامة مما يفسر الظواهر الإدارية غير الرشيدة و غير المنتجة و هي حالة مقصودة إلى درجة كبيرة لأنها تسمح بإحكام قبضته على الإدارة و المجتمع مع المسامحة بالفساد الإداري بوصفه الضامن لولاء طبقة الموظفين فتطور أجهزة الدولة و تضخم البيروقراطية و اعتماد الاقتصاد الوطني على الإنفاق العام جعلا للسلطة التنفيذية هيمنة واسعة و عميقة على حياة الفرد و المجتمع فجميع الأفراد مرتبطون بقرارات السلطة التنفيذية بالإضافة إلى مراقبة الأجهزة الأمنية و أجهزة الإعلام المسخرة لخدمة حكمه و بالتالي فإن ميزان القوى ساعة الحسم لمصلحته كما يرى و يعتقد أي الهدف الرئيسي خلق بيئة بيروقراطية قوية و متماسكة يجمعها الفساد و يوحدها الولاء يستطيع الأسد استخدامها للتغلب على بيئات سياسية معادية فالترتيبات الهرمية التي أسسها تتيح الرد السريع ضد التهديدات السياسية و الاجتماعية التي يمكن أن تنشأ لا سيما إذا كانت مؤدلجة .
التنشئة الاجتماعية و السياسية : الفرد السوري يعيش في وسط بيئة استبدادية و يغلب عليه الجهل السياسي و المعرفي و ليس هناك دور ملموس لوسائل الاتصال المرئية و المسموعة و المقروءة في عملية التثقيف السياسي كما أن الأحزاب السياسية لا تمارس دورها بالنظر إلى ضعف تغلغلها بين الجماهير و محدوديتها و تبعيتها يضاف إليه دور الأسرة باعتبارها الخلية أو النواة الأساسية لتشكيل قيم الفرد و معتقداته تجاه السلطة يمكن وصفه بالدور السلبي أو المعيق نظر للأسلوب القمعي المتبع
التربية الأسدية كان لها آثار ضارة في المجتمع السوري و على سبيل المثال لا الحصر التبجح و شهوة السلطة , الوقاحة في الخطاب و التكبر , عبادة الذات و التخوين ,الاتهام بالعمالة , الحديث عن الفضائل مع عدم وجودها , التسلط و القهر للشعب ,التخريب لكل عمل منظم يخدم البلاد , إبعاد كل نظيف و شريف عن الساحة , مصادرة كل شيء مادي و معنوي , الإعجاب بالذات و النرجسية القاتلة دون توفر الكفاءة , دفع الناس إلى السكوت عن كل منكر , إرهاق الناس و إغراقهم بالتفاصيل المملة , تكريس فكرة العقاب في حال التفكير بالخروج على الحاكم , حصر الوطنية بالمؤيدين , بذاءة اللسان و التصرف دون استثناء لدين أو نبي و قلة الحياء , الشمولية و الطائفية و التعصب في الأفكار , انتشار اللصوصية و التشبيح , السوقية في الكلام , اللامبالاة و اللامسوؤلية , سلب حرية الرأي و التعبير و الفكر , التبعية و الذل و الخضوع و خاصة من خلال السيطرة على رجال الدين بشكل شبه عام و نشرهم لهذه الثقافة بسبب ارتباطهم القوي بالنظام , قلة الثقة في المجتمع السوري لكثرة المخبرين و رجال الأمن , انتشار الأنانية بسبب التضييق على الناس في حوائجهم , سريان الواسطة و المحسوبيات و إهمال الكفاءات , حرب على الإسلام مع التظاهر بدعمه من خلال مقاييس التسلط و الاستبداد , فساد الجيش , تشجيع تكوين العصابات العمل على إزالة القيم و المبادئ و الأخلاقيات من المجتمع ,عقلية الصنمية و التأييد للأبد و نظرية القائد الأوحد و ثقافة الأسد أو لا أحد , عقلية و نظرية المؤامرة , و من خلال هذه الموصفات بالإضافة إلى غيرها كانت العملية التي تعرف بها الفرد على النظام السياسي و التي تقرر مداركه السياسية و ردود أفعاله إزاء الظواهر السياسية أي من الناحية العملية تنطوي على دراسة الوسط الاجتماعي و الاقتصادي و الثقافي في المجتمع ومدى تأثير ذلك على الفرد في المجتمع وعلى مواقفه و قيمه و هي عملية مهمة جدا لكونها تؤدي بالأفراد إلى الانخراط بدرجات مختلفة في النظام القائم و في الواقع هي عملية تربية و تثقيف و اعداد و لا يمكن فصل التداخل بين التربية و الثقافة فكل تقدم يؤثر إيجابا في مسار الأخرى و العكس صحيح .
و بالتالي امتلأت حياة السوريين بصور الخضوع و الإذعان بشكل أو بآخر ناهيك عن التهميش و الإلغاء و نفي الآخر فضلا عن انطباع صورة أعلى لرمز الحكم و السلطة في البلاد بلباسه و أوسمته و تمجيده لمرحلة التأليه بدأ من رياض الأطفال مرورا بكامل المراحل العمرية و المؤسسات الرسمية و صولا إلى الساحات العامة و الأعراس و الأفراح و مناسبات الخطبة و حتى طهور الأطفال كل ذلك انطبع في ذهن الفرد السوري منذ كان طفلا لتولد نموذجا بشريا غير معارض للسلطة استثمره حكم الأسد في توجيه التنشئة الاجتماعية و السياسية لدعم سلطته و خضوع الشعب لها من خلال استغلال وسائل التربية و التعليم و الثقافة و الإعلام و التخويف و الترهيب و حتى الكتب الدينية التي كانت تدرس في المراحل التدريسية ابتدائي اعدادي ثانوي كان هناك الحديث الشريف عن نبينا و سيدنا و حبيبنا محمد صلى الله عليه و سلم ثم يأتيك الدرس التالي من أقوال حافظ الأسد و ذلك بغية تطبيع المجتمع بثقافة الولاء و الطاعة .
إن مؤسسات الدولة تعمل من خلال نشأتها السياسية التابعة للأسد و هدفها تعميق ولاء الفرد للحكم بمحاصرته عقليا و سلوكيا و وجدانيا ممارسة فيه قيم الخضوع و الطاعة خصال راسخة في ثقافته السياسية بدلا من تكريس الحرية المترتبة على المعرفة و حتى الأحزاب السياسية إن وجدت و إن تميزت بالتبعية بالإضافة إلى صناعتها من قبل النظام مع أشخاصها تم اعتبارها منحة من الأسد و ليست حقا للمواطن مع التركيز الهائل في كل وسائل الإعلام على دوره في صنع التاريخ و الأحداث و الانتصارات و أنه صاحب الإنجازات العظيمة مع تجاهل كامل لدور الشعب فأصبحت الطاعة سلوكا حميدا و التمرد و العصيان و المطالبة بالحقوق سلوكا معيبا مع تجاهل مفهوم الحوار و تهميش قيم الحرية ومما يزيد من خطورة الموضوع أن قيم الطاعة لا يتم تلقينها نظريا فقط بل يجري تفعيلها بصورة حية حتى يصل الأمر في عقل الأفراد و الجمهور أن احترام السلطة في وعيهم سرعان ما يتحول إلى هيبة ثم خوف ثم تعظيم يؤدي تدريجيا إلى استبعاد و تلاشي أية احتمالات للمراجعة أو المساءلة أو المطالبة و من ثم فإن الاعتمادية المفرطة في اعتمادها العام على الصعيد النفسي و السلوكي تؤدي إلى القبول بالاستبداد و القهر المطلق هذا الاستخدام المفرط لوسائل القهر و الإذلال من قبل الأسد ولد شرخا عميقا في الحياة العامة و تحول الحكم الأسدي بموجبه إلى قدر محتوم يدوم بدوام وسائل القهر و التسلط و لتدخل نفسية السوري تدريجيا في حالة من الاختناق البطيء و التقهقر المادي و الروحي و ليتحول إلى تربة ميتة من وجهة نظر الأسد و أتباعه متناسيا أن الشعب السوري شعب شجاع ومؤمن و تضحياته معروفة عبر التاريخ و ليس أقل عظمة من باقي شعوب الأرض
الإعـــلام :
استطاع الأسد أن يطوق وسائل الإعلام لتحقيق أهدافه فمنع الكتاب و الروائيين من إنتاج خيالهم و حد من إبداع الفنانين و اختراعات العلماء و اكتشافات الباحثين و تحليلات الفلاسفة و منع كل أدوات النقد الموضوعية وكرس العنف الجماعي و استدرج معظم المثقفين و أغراهم لكي يجعلهم أبواقا تابعين له و من لم يلتزم إما قضى موتا أو سجنا أو هجر قسرا فحاصر العقل الجمعي و الفردي ليصبح مجرد آلة تطبق ما يؤمر به و لو على حساب مصلحته .
فالإعلام المقروء و المسموع و المشاهد ذو اتجاه و رأي نسخة مصغرة عن فكر و عقيدة الأسد بالإضافة إلى الصفات و الخصال الحميدة و القدرات الاستراتيجية و الرؤية الصائبة و ما هناك من صفات لا تنطبق على البشر لإسباغها على سيادته
لقد أسهمت وسائل الإعلام في حكم الأسد بنشر الجهل و الفساد و الظلم و تزييف الحقائق لأنها مكبلة و لا تستطيع نشر معاناة الناس و قول الحقيقة التي غالبا ما تكون مؤلمة وغير مقبول نشرها من قبله و سعت إلى تركيع الناس و إخفاء الحقائق عنهم بحجة منع الفتنة مع أن ما يقوم به الأسد هو الفتنة بعينها و ساهمت في زيادة معاناة الشعب و اضطهاده بتزكيتها للحاكم و تجميل صورته و إظهار من يعارضه بمظهر الخائن و العميل لذلك كان أول هدف للأسد هو السيطرة المطلقة على وسائل الإعلام بكافة أنواعها لأنه يعلم أهميتها بتشكيل وعي الناس و قدرتها على تزييف الحقيقة و اظهار الوضع على أنه أفضل ما يرام فأبعدها عن طرح المشاكل التي تهم المجتمع سواء السياسية أو الاقتصادية أو الاجتماعية إذ أن دورها انحصر في بث القيم و تقديم النموذج السلوكي من الأعلى إلى الأدنى دون أن تقوم بالتغذية العكسية بسبب مركزيتها و هدفها الرئيسي تكريس ثقافة الخنوع و القائد الملهم
وصف الأسد نفسه ومن خلال إعلامه بالرجل المؤمن و لم يترك مناسبة دينية إلا و استغلها بصلاة دون وضوء أو خطبة رنانة من صلاة الأعياد إلى الاحتفال بالمولد النبوي الشريف و ليلة القدر هادفا إلى تأميم الدين فسيطر على المؤسسة الدينية من خلال وزارة الأوقاف و مديرياتها و رجالاتها المعينين من قبله بالإضافة إلى التحكم في مواردها المالية .
استطاع الأسد أن يهين العلماء و المفكرين و المثقفين و معظم أفراد الشعب بينما كرم رجال الدين و قربهم و كانت موائده حافلة بمعظمهم في كل المناسبات و يتسابقون لتلبية الدعوة و يحزن البعض إذا لم يتم استدعاءه فالأسد كان له أدوات قمعه و على رأسها رجال الدين إلا قلة قليلة حيث كان يعتبرهم العصا الغليظة مع الأفرع الأمنية التي يضرب بها أفراد المجتمع لترويضهم و إبقائهم تحت سياطه و إخضاعهم لأهدافه و إفشال أي فرصة لتكريس القطيعة بين الحاكم و المحكوم فالدين عادة يكتسب القداسة و يصبح الأفراد حراس عليه و يستطيع رجال الدين بسهولة إقناع الأفراد و العامة بتوجيههم بتفاسير دينية أو أفكار لها صلة بالدين لذلك سعى الأسد إلى استغلال رجال الدين من أجل إخضاع المجتمع لأحكامه و تسهيل قمع المتمردين .
لقد سيطر الأسد سيطرة شبه مطلقة على المؤسسة الدينية فشرعوا له الاستبداد و كانت الفتاوى جاهزة ومفصلة على القياس ليحظوا بالسلطة و القربى و فضلات العطاء فأمروا الشعب بالطاعة بسيف الآية و الحديث و الصبر و الرضا و أطلقوا على أي رأي مخالف صفة المتمرد و الخائن و أن الفتنة أشد من القتل و يمنعون الجماهير المقهورة من الشكوى و يوهموها أن ما تعانيه الأمة من فقر و ظلم هو بسبب التقصير في العبادة و الدين فقط أما المعاصي السياسية و الاقتصادية و الاجتماعية و المجازر التي ارتكبها الأسد فهي مبررة لديهم مما ساعد الحاكم على إحكام قبضته على رقاب العباد و إبقائهم حواشي على صفحة الحياة .
بسياسة الإطباق على الدين استطاع الأسد أن يغيب رجالاته عن مجتمعاتهم فتصدروا المحطات الفضائية و الاجتماعات و الندوات ليكونوا أبواقا له يمجدون بعظمته و ذكائه و إخلاصه و يخونون كل من يقف بوجهه متناسين حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ) إنَّ مِنْ أَعْظَمِ الْجِهَادِ كَلِمَةَ عَدْلٍ عِنْدَ سُلْطَانٍ جَائِرٍ (.
و لا نستطيع إلا أن نوجه كل الحب و التقدير و الاحترام لرجالات ديننا و علمائنا الأفاضل الذين سارعوا إلى نصرة الحق و الشعب رغم قلة عددهم إلا أنهم كانوا نبراسا لنا و قدموا الكثير من الدعم المعنوي و الفكري .
الفساد : واقع يومي يعيشه السوريون و هو أسلوب للاستغلال السياسي و الاقتصادي و الاجتماعي المترافق مع استغلال القوة الرسمية و هو عبارة عن بناء قائم يمثله الأسد باعتباره مالك القوة و النفوذ على من لا يملكون القوة و السلطة خاصة في جوانبها السياسية و الاقتصادية .
نظام الأسد يتصف بالشمولية و هو يمثل الحكم الفاسد أي ذلك النوع من الحكم الذي لا يخضع لشرعية تمثيلية للشعب يمثل رأي الأغلبية و يعكس تفضيلاتها العامة و بالتالي فهو لا يخضع لسلطة القانون و لا يمتلك مؤسسات فاعلة للمحاسبة و المساءلة و انعدام كامل للمشاركة في القرار و هيمنة على الاقتصاد وتفشي للمحسوبية بالإضافة إلى الفساد المالي و الإداري من رشاوي و اختلاسات و مخالفات أراضي و الترقي و استلام المناصب أي شبكة منظمة مرتبطة ببعضها البعض تدير الفساد بشكل محكم من رأس الهرم إلى أدنى مستوى .
و الفساد من الأعراض الدالة على خلل في إدارة الدولة لأن المؤسسات التي أنشأت لتنظيم العلاقة بين المواطنين و الدولة تصبح مسخرة بدلا من ذلك للإثراء الشخصي للمسؤولين و الحكام و توفير الامتيازات للفاسدين .
استطاع الأسد من خلال تكوين جماعات صغيرة موالية له منحها القوة لتكون أكبر من الدولة و لتستولي على مقدرات الاقتصاد السوري و على سبيل المثال ظاهرة رامي مخلوف الذي سيطر على ما يقارب من خمسين بالمئة من اقتصاد سورية من المناطق الحرة إلى الخليوي و شركات الطيران و المصاعد و لم يترك مفصلا من مفاصل الحياة الاقتصادية إلا و دق مسمارا في نعشه معلنا نفسه وصيا شرعيا على الاقتصاد لمصلحة الأسد و كذلك كان أبيه محمد مخلوف و غيرهم الكثير الكثير حتى أضحى الفساد آفة مجتمعية لها آثار كارثية فتعطلت القوانين و التعليمات و سادت الفوضى و العشوائية في إشغال الوظائف و إسنادها إلى محدودي الكفاءة و تشكيل لجان المناقصات و المشتريات و الاستيراد و التسعير من غير ذوي الاختصاص و شاعت ظاهرت الرشوة و المحسوبية و الولاء في المناصب بدلا من الجدارة و الكفاءة العلمية حتى غاب مبدأ تكافؤ الفرص و أصبح المجتمع السوري مرهونا للقوى الأمنية بداعي الفساد و هي خطة الأسد للإطباق على المجتمع فالفساد عندما يستشري فإنه يعمل على حماية نفسه بالحفاظ على الهيكل الذي أنتجه و صممه حتى يتم توارث الفساد جيلا بعد جيل ضمن بطانة مخلصة مطيعة طمعا بالمناصب الإدارية و الحكومية التي تأتي بشكل هبة من الحاكم على الإخلاص مما أدى إلى إفقار المجتمع بسبب انعدام العدالة التوزيعية للموارد و انخفاض معدلات التنمية و تفشي البطالة و خاصة في جيل الشباب و تدني الناتج القومي و سوء توزيعه بالإضافة إلى شبه انعدام لمستوى الخدمات و أصبح الشغل الشاغل للمواطن السوري تأمين قوت يومه وحياة أسرته لينصرف عن التفكير بالسلطة و السياسة و كان لتزاوج رأس المال و السلطة دور كبير في ربط معظم الفعاليات الاقتصادية بالحكم سواء عن طريق شراكات أو اتفاقات أو عن طريق القوانين و الأنظمة و التشريعات التي أصدرها الأسد للحصول على النصيب الأكبر من مقدرات البلاد .
2- أسلوب الترهيب :
استطاع الأسد أن يخلق حالة من الترهيب في المجتمع السوري و أصبح كل فرد يخاف من الآخر ضمن نطاق العائلة الواحدة وانتشر عرف المخبر و التقرير فثارت مخاوف الناس و توجسهم من بعضهم البعض و بدأ الشك ينتابهم في معظم علاقاتهم حتى أصبحت الكلمة محسوبة ويحاسب عليها في الحياة العامة أو الوظيفية و حتى العسكرية فكل مراقب مراقَب أي أن المجتمع يراقب بعضه و هذا ما أدلى به حافظ الأسد في إحدى خطاباته و نتيجة ذلك الإحالة بين الناس و الخروج على السلطة و الإسهام في تأمين حياة الحكم لفترة أطول .
لقد شكلت الأفرع الأمنية بمختلف أنواعها المتعددة الذراع القوي للأسد لحكم الشعب و أعطيت صلاحيات هائلة لممارسة القمع الوحشي لتثبيت دعائم الحكم تحت ذريعة المؤامرة و إضعاف النظام المقاوم الممانع و أصبحت الدولة بمختلف مكوناتها مطيعة للحكم السلطوي و تم عزل الجماهير عن أي مشاركة سياسية أو اجتماعية بالإضافة إلى تجنيد كافة النقابات و الهيئات لتضاف إلى قائمة الإخلاص للأسد سواء نقابة المعلمين أو المحامين أو الأطباء أو المهندسين .. الخ و الاتحادات كاتحاد العمال أو الفلاحين و غيرهم حيث مارست أيضا دورها في تكريس التبعية للحاكم و لعبت الدور المرسوم لها على أفضل وجه و تم تقييد العمل السياسي و تكوين الأحزاب و تزوير الانتخابات حتى على مستوى نقابة صغيرة فالجميع يجب أن يدين بالولاء و الطاعة .
الخاتمة :
مما تقدم نستخلص أننا لا نستطيع أن نطلق صفة على حكم الأسد سواء كانت أوتوقراطي أو استبدادي أو دكتاتوري أو شمولي أو تسلطي فهو قد جمع كل الصفات بشخصه و يجب أن يتداعى كافة العلماء من أنحاء الدنيا للاجتماع من أجل الوصول إلى صفة شاملة تحدد هذا النوع من الحكم على أن لا يتناسوا الصفات الشخصية للأسد ككاذب و جبان و مخادع و مغرور وصفيق من الدرجة الأولى و معتوه و شاذ و كوميدي و إرهابي …. الخ
وتميز حكمه بقمع الشعب و مصادرة إرادته و حريته و التعدي على حقوقه , أوجد الصيغ القانونية و الدستورية التي تكرس حكمه , الاستقواء بالعشيرة و الطائفة , توسع دور الأجهزة الأمنية و سيطرتها على كافة مرافق الحياة , إلغاء الحياة السياسية و دور الأحزاب و إذا وجدت فيجب أن تتميز بالولاء و الطاعة , مأسسة الجيش كحامي للحكم و ليس للدفاع عن الوطن و الشعب , إحاطة نفسه بهالة من التقديس و التعظيم و التأليه , السعي الدؤوب لنشر الفساد في المجتمع كحاجة ماسة داعمة للحكم , فرض النفوذ و الهيمنة على الدول المجاورة و خاصة لبنان , الاعتماد على التصفيات الجسدية و الاعتقال لمعارضيه و مناوئيه , اعتماد العنف و التسلط كثقافة متأصلة في ذاته ,العنف الاقتصادي و السيطرة على مقدرات البلاد و نهب الثروات , خلق ثقافة التخوين في المجتمع , بروز ثقافة العنف الفيس بوكي دون رادع أو رقيب و استخدامه ضد الشرفاء لتشويه سمعتهم ,العنف النفسي و الجسدي داخل المعتقلات , تدمير البنى التحتية الاقتصادية و الاجتماعية و العلمية و الثقافية , تهجير العقول السورية , محاربة الدين الإسلامي , السعي إلى تكريس الطائفية , يعجز القلم عن وصف ما فعله الأسد في سورية
مما أدى إلى اندلاع ثورة الحرية بسواعد الشعب السوري و عقولهم وتدبيرهم و مخزون القهر الذي تفجر في صدورهم فهم محصلة الألم الذي ذرعه الأسد في نفوسهم و هم الأمل الذي أزهر في أرواحهم و المستقبل الذي حملوه بدمائهم ماضين بثبات نحو الشمس التي بدأت تشرق في فضاءات بلدهم بجباه تعانق السماء و قلوب تنبض بالإيمان و بصائر تخترق خطوط الأفق و شوق لتحقيق آمال الآباء و الأجداد من الأجيال المضطهدة .
و أصبح شعار كل سوري ” ارفع راســك فـــوق أنت ســوري حـــر “
بكل فخر و اعتزاز و زهو و كرامة نرفع الرأس عاليا و نفاخر و نقف شامخين بين الأمم و نجاهر وبعالي الصوت أمام الجميع نصدح أننا إلى سورية ننتمي و إليها ننتسب و فوق أرضها نعيش و من ماءها نرتوي و تحت سماءها نستظل وفي ثراها ندفن ومنها نبعث هي منا و نحن منها تربطنا بها وشائج قربى و نبضات القلب و التضحية هي قلب كل منا و هي اعتادت الثورة و تعودت عبر تاريخها الأشم على رفض الظلم و الطغيان تأبى أن تستذل و تهان و لا تسكت على ضيم و اعتداء و لا تتردد في الثأر و الانتقام و الثورة و رد الاعتبار .
سوريا اليوم تعبر عنا و تنطق باسمنا فوضناها يوم قاتلت و أيدناها عندما صبرت و كنا لها جندا مخلصين صوتها الثائر صوتنا و ثباتها في مواجهة الأسد ثباتنا و انتصارها لنا انتصار .
يا أيها السوريين في كل مكان في الوطن والشتات تيهوا اليوم و افخروا بثورة الحرية ثورة بلدكم القديم الجديد حاضرة البحر العريقة و بلد العرب العتيقة و ممر التجار و معبر الرحالة و المحاربين بلد الأمويين و صلاح الدين و يوسف العظمة و إبراهيم هنانو أرض العظماء مقتل الغزاة و المعتدين.
سوريا يا حبيبتي تيهي اليوم وافخري و تزيني بأبهى حلة و طلي على العالم بأجمل طلة فأنت اليوم أمل و رجاء و الغد المشرق و المستقبل الزاهر فرغم الدماء و الدموع التي تنسكب على خدود النساء و تملأ مآقي الرجال و تنحبس مؤلمة في عيون ثوارك الأبطال و رغم ما أصابك من دمار و جرح غائر غيب الملايين من أهلك و أعاق مئات الآلاف من سكانك و أحزن شعبك التدمير والخراب إلا أن سوريا تفخر و تنتفض كرامة و ترتع الأسى بكبر بأن لا تطأطئ الرأس لعدو و لا تحني له الهامة ذلا و لا ترتعد منه جزعا و لا تجبن عن لقائه خوفا بل نقف أمامه بإيمان المنتصرين لا نخاف من سلاحه و لا نهرب من قصف دباباته و طائراته .
أيها العرب و أيها المسلمون إنها سوريا بلدكم الصامدة فما خيب رجاؤكم و ما ضيعت آمالكم فكانت عند حسن ظنكم بها صدقت الله قلبها فصدقها وعده فأعدت سلاحها و دربت رجالها و طورت من قدراتها و أبدعت في قتالها و ابتكرت في وسائله وطرقه حتى غدى الشعب السوري كله جيشا لا يهزم و إرادة لا ترد و بأسا لا يهون و عزما لا يفل .
سوريا بوابة العرب و منها الانطلاقة و هي البداية و مقدمة الجيش و طلائعه القادمة هي شوكة لن تكسر و صخرة لن تتحطم و إرادة لن تتزعزع و قوة لن تهزم و رأس عال لن ينحني أهل أباة و شعب عصي و سكان جبابرة ورثة عمالقة يصنعون النصر و يرسمون خطط الغد الذي سيكون نصرا و حرية و وطنا حرا سيدا مستقلا و ما ذلك على الله بعزيز .
قال خير خلق الله رسول الله الأكرم صلوات الله عليه و سلامه ( يا طوبى للشام يا طوبى للشام يا طوبى للشام ) قالو يا رسول الله و بم ذلك قال : تلك ملائكة الله باسطوا أجنحتها على الشام
الراوي زيد بن ثابت .
المصادر
- ثناء فؤاد عبد الله , آليات التغيير الديمقراطي في الوطن العربي , مركز دراسات الوحدة العربية , بيروت 1997
- برهان غليون , المحنة العربية , الدولة ضد الأمة , مركز دراسات الوحدة العربية , بيروت ,1993
- برهان غليون , نقد السياسة , المؤسسة العربية للدراسات و النشر , بيروت , 1991
- إمام عبد الفتح إمام , الطاغية , سلسلة عالم المعرفة , الكويت ,1994
- غسان سلامة , الأمة و الدولة و الاندماج في الوطن العربي , مركز دراسات الوحدة العربية , بيروت , 1989
- علي أسعد وطفة , بنية السلطة و إشكالية التسلط التربوي في الوطن العربي , مركز دراسات الوحدة العربية , بيرزت 2005
- خلدون حسن النقيب , الثورة الصامتة , مجلة المستقبل العربي , 1993
- عبد الإله بلقزيز , العنف السياسي في الوطن العربي , مجلة المستقبل العربي , العدد 207 , 1996
- هشام حكمت عبد الستار , الديمقراطية و إشكالية الثقافة السياسية , جامعة بغداد , 2003
- كمال المنوفي , التنشئة السياسية و منظومة القيم في الوطن العربي , جامعة القاهرة , مركز البحوث و الدراسات السياسية ,1989
- أنطوان نصري مسرة , مستقبل الوحدة العربية , مجلة المستقبل العربي , العدد 90 , 1986
- هشام علي سعيد , كيف تفقد الشعوب المناعة ضد الإستبداد , دار الريس للكتب و النشر , بيروت ,2002
- راسم محمد الجمال , الاتصال و الإعلام في الوطن العربي , مركز دراسات الوحدة العربية , بيروت , 1997
- حمدي عبد الرحمن حسن , دراسات في النظم السياسية الأفريقية , جامعة القاهرة , 2002
- سعد الدين إبراهيم , أزمة الديمقراطية في الوطن العربي , مركز دراسات الوحدة العربية , بيروت 1987
- على خليفة الكواري , الإستبداد في أنظمة الحكم العربية المعاصرة , مركز دراسات الوحدة العربية , بيروت , 2005
- صادق الأسود , علم الاجتماع السياسي , مطابع جامعة الموصل , 1986
[…] إقرأ أيضاً: سورية وحكم الأسد […]
[…] سوريا قبل الأسد من الدول المتطورة و المتقدمة وخاصة في مجال السياسة سواء من ناحية تعدد الأحزاب السياسية و الانتخابات الحرة النزيهة و إحدى دول التأثير على مدى التاريخ العربي يرتبط تاريخها بمراحل التطور الذي مرت به الأمة العربية منذ القدم ويشكل موقعها ممرا رئيسيا من أوروبا و آسيا إلى الشرق الأوسط و المنطقة العربية لذلك فإن الأمن القومي العربي طالما كان رهينة بأحداث سورية و لموقعها أهمية كبيرة خاصة في نطاق آسيا العربية فجميع المواصلات البرية و الجوية القادمة من شبه الجزيرة العربية و بلدان الخليج العربي و الأردن و العراق تمر بها أو تنتهي على موانئها البحرية . […]