[بقلم د.محمد حاج بكري]
صرح وزير مالية حكومة الفساد خلال مقابلة تلفزيونية يوم الأربعاء الماضي ، إن سعر الصرف حالياً هو جزئين، جزء حقيقي ناتج عن الاقتصاد الحقيقي الذي تراجع من 65 إلى 20 مليار دولار (الناتج المحلي) خلال سنوات الحرب، وهذا يقابله سعر صرف من 2000 إلى 2500 ليرة للدولار الواحد في إشارة إلى سعر الصرف الرسمي الصادر عن مصرف سوريا المركزي.
وأضاف أن الجزء الثاني هو وهمي، ناتج عن المضاربات وحرب نفسية تدار من الخارج، وبث نوع من قلة الثقة بالاقتصاد الوطني، ما يدفع العديد من المواطنين لاستبدال الليرة بالقطع الأجنبي؟
السيد الوزير
من العبث حديثك عن سعر الصرف وتحديد قيمته بعد ان فقدت الليرة السورية وظيفتها الأساسية في التداول والتسعير والادخار ، ولاتنسى حضرتك تمويل العجز في الموازنة وطباعة العملة بدون رصيد واثاره الكارثية على سعر الصرف وتحميلك وسائل التواصل الحالة النفسية ومختلف العبارات التي لاتمت للاقتصاد بصلة دليل العجز وهل بقي في رأيك حالة نفسية لدى الشعب السوري وكفى ذلًا واصدارًا لمراسيم وقوانين جائرة تستنزف اللقمة التي يعيش منها الطفل السوري.
لقد دخل الاقتصاد السوري مرحلة العناية المكثفة، ويبدو أن الدولة تنزلق نحو المنحدر الخطير الذي لطالما حذر منه الخائفون علي مصلحتها. وهم في تحذيراتهم تلك، لم يكونوا ينطلقون من محض كره، لسلطة حاكمة بطريقة غير شرعية، او من مجرد نظرة تشاؤمية. ولكنهم ببساطة ارتكزوا علي مقدمات تنبئ جميعها بنوع الخاتمة بل وسوء المصير.
من عينتها، فساد شامل يطال كل أجهزة الدولة ومؤسساتها وقادتها، تعطيل مشاريع الانتاج، وصولاً للتخلص منها بالبيع لانفسهم! عجز في الميزان التجاري وعجز في ميزان المدفوعات وعدم وجود احتياطي نقدي وتهريب الأموال وهجرة العقول وربما سمعت حضرتك باننا اصبحنا افقر بلد في العالم وادنى مستوى لدخل الفرد اضافة للحرب المجنونة التي يشنها الأسد على الشعب بكافة اطيافه ، وترهل المؤسسات السلطوية، والتوسع في الاجهزة الامنية والعسكرية والقوات غير النظامية، والاغداق عليها بالعطايا والامتيازات الخرافية! وكذلك شيوع ممارسات السمسرة والمضاربات وغسيل الاموال وطباعة العملة دون تغطية، كانشطة اقتصادية طبيعية! وظهور بدعة الشركات الحكومية والاعفاءات الضريبية والجمركية للمحاسيب والمحبكجية (في لباس المستثمرين الكذبة!). بل وصل الحال، للتجارة في المخدرات وحضرتك على دراية بسمعة سورية اليوم في هذه التجارة سواء داخليا او خارجيا وهذا الموضوع يحتاج الى بحث خاص ، ورهن اصول الدولة للدائنين في صفاقة مريبة؟ وبالتالي فقدنا مصادر الثروة ! وبكلمة واحدة، تم غنم الدولة ومواردها، لصالح حماية الأسد وترف ال الاخرس.
اما الآن وقد جف الضرع واستنزفت أهم مصادر الدخل ، فما كان إلا اللجوء للحائط القصير (المواطن المعدم) ليتحمل عبء الاخطاء وكلفة الخطايا والسفه السالف ذكره. وان لم يكفِ ما يدفعه للحكومة من دم قلبه ، فاقله لا يطالبها بشئ البتة، لا اكله لا شربه لا علاجه لا تعليمه ولا امنه! اي ان يتدبر امره باللاشئ، علي ان لا يسبب ازعاج للحكومة بالمطالب والاحتجاجات، لانها مشغولة بقضايا كبري تستدعي دموع حضرتك الغالية؟!
إقرأ أيضاً: عقوبات المصرف المركزي ومستقبل الإقتصاد السوري
والمحصلة، وصلت البلد الي طريق مسدود، لانها في الحقيقة لاتملك مشروع اصلا، ولكنه مجرد شعارات وآليات تسمح بالتلاعب، وتتقصد السيطرة علي السلطة واستغلالها، وتاليا استباحة البلاد وكرامة العباد.
ذات الاستهتار والغباء! ليس فرض عين، ولكنها مسألة وجودية في الاساس. وعليه، اي محاولة لتصديق ان هنالك اصلاح يمكن ان تقوم به هذه المنظومة التدميرية ذاتيا، او ان هنالك امكانية لاي جناح داخلها او خارجها للقيام بذلك؟ هو محض وهم، لا يعبر إلا عن الياس من تغير الاوضاع علي افضل الفروض، والتواطؤ علي استدامتها، في اسوأها؟! والسبب بسيط، لان الاصلاح يعني فيما يعني، الانهيار للمنظومة بالكامل (شبكة علاقات عمودها الفقري الفساد!) وهو ما يقود تاليا، للانكشاف والتعرية، ومن ثمَّ مواجهة المصير المحتوم! وهذا ما لا يمكن تصوره في حق منظومة اجرامية يشرف عليها القتلة واللصوص؟!
الاوضاع في الدولة وصلت مرحلة اللاعودة، او لن ترجع الامور الي ما كانت عليه، قبل زلزال الميزانيات الكارثية التي تتوالى تباعا كل عام ! ومؤكد ان المعادلة التي تمر بها الدولة في غاية الصعوبة والحساسية! اي دولة مهددة بالانهيار، يتحكم فيها نظام اجرامي، تشكل له السلطة آخر قلاع الحماية من المصير المحتوم.
إقرأ أيضاً: الاقتصاد السوري والسقوط المتسارع نحو القاع