أصبح من الواضح بأن كل التحركات السيا سية والدبلوماسية الحالية في المنطقة ، وعلى رأسها زيارة بايدن للمنطقة ، والتي ابتدأها من إسرائيل ، ماهي إلا عبارة عن جهاز التحكم الإسرائيلي ( ريمونت كونترول ) الذي يُحرك جميع زعماء العالم الكبار الموظفين لدى الصهيونية العالمية من أجل الإشراف والتأكد من إكتمال معالم الشرق الأوسط الجديد الذي رسمه شمعون بيريس الحاخام الكبير وتم إرغام كبار زعماء العالم على التوقيع عليه منذ أكثر من ثلاثة عقود.
لاشك بأن كل الترتيبات في منطقة الشرق الأوسط والمنطقة العربية برمتها والعالم سواء كانت أمنية أو عسكرية أو سياسية أو إقتصادية تنطلق من مصلحة إسرائيل وعلى حساب الدول العربية بالتحديد التي أصبحت عن دول ممزقة فاشلة مهترئة شعوبها ترزخ تحت نير الجوع والقهر والهزيمة والفكر المأزوم الذي لم يتحمل الضغط الداخلي والخارجي، فالمتابع لأحداث القمة يجد بأن كل محور الأهداف لهذه القمة يتمحور حول دمج إسرائيل في منطقة الشرق الأوسط وليست على أسس الشراكة وإنما على اسس السيادة الإسرائيلية على دول المنطقة .
على الرغم من وجود زعماء تسعة دولٍ عربية في قمة جدة للأمن والتنمية ، و بمشاركة الرئيس الأميركي، جو بايدن فإن إسرائيل حصدت جوائز القمة بأكملها والدول العربية عادت بخفي حنين ، علماً بأنها لم تبحث في قضايا المنطقة، وإنما كل مابحثت به هو مصلحة إسرائيل التي فازت بفتح المجال الجوي السعودي والتي تجلت بــ (فتح أجواء المملكة لجميع الناقلات الجوية التي تستوفي متطلبات الهيئة لعبور الأجواء”.) هذا القرار الذي إعتبره الرئيس الأمريكي جو بايدن بالقرار التاريخي الذي اتخذته قيادة المملكة العربية السعودية بفتح المجال الجوي السعودي أمام جميع الناقلات المدنية دون تمييز، وهو القرار الذي يشمل الرحلات الجوية من وإلى إسرائيل”.
ليس هذا المكسب الخير الذي ستناله إسرائيل بجهود الولايات المتحدة الأمري كية الناطق الرسمي باسم إسرائيل والجهة التنفيذية لمخططات الصهيونية لذا كان بايدن طموحاً بأن يخبر إسرائيل بأن الإجتماع القادم “سوف يكون هناك أعضاء جدد في التعاون بين دول المنطقة، بما فيها إسرائيل”، متابعاً: “ملتزمون ببناء المزيد من الشراكات فيما بيننا”.
وبإعتقادي بأن بايدن يرسم في مخيلته بان بشار السد سيكون الى جانب اسرائيل في الإجتماع كحارس لحدودها وصبيها المدلل. ومستقبلاً ستكون إسرائيل داخلة ضمن ربط مجموعات منظومات الدفاع الجوي لدول المنطقة والتي من المتوقع أن تلاقي قبولاً من كثير الدول العربية التي تحتفظ بعلاقات مع إسرائيل وتنوي المشاركة في حلف موجه ضد إيران، التي بنت شبكة من الموالين لها في العراق ولبنان واليمن.
لم ينسى بايدن أن يستخدم الفزاعة الإيرانية لتخويف دول المنطقة لذا كان لابد أن يعرج على البروباغندا ذات الإسطوانة المشروخة التي باتت معروفة للقاصي والداني ، والهدف منها التلويح بشكل دائم بالعصا الإيرانية الغليظة، من خلال دعوته إيران إلى التعاون و"عدم التدخل في شؤون دول المنطقة"، ولكن بايدن كان جباراً للخواطر بأن طمئن العراقيين بأنه غير راضٍ عن تصرفات إيران وسيشهد قريباً تحسناً في أمنه، الذي سينعكس على أمن المنطقة"، وكان الماكر بايدن لم ينسى بأنّه سلف اوباما الهزيل صاحب الهوى الإيراني الذي وعد بأن استقرار المنطقة يتطلب حلولاً سياسية في سوريا وليبيا".التي كانت الولايات المتحدة الأمريكية سبباً رئيسياً في عدم الإستقرار فيهما .
لاتزال مرسومة في الذاكرة كلمات كونداليزا رايس في عام 2006عندما بدأت المسرحية المفروضة بكل حلقاتها على العالم كي يشاهد ولادة شرق أوسطية جديدة ، والتي كان حسن نصرالله أحد أذرعها المأجورة والذي تم الايعاز له بخطف عسكريين إسرائيليين وتبادل الأدوار ، من أجل إنطلاقة شرارة الولادة ،( ضمن مسرحية هزلية يمثلون بها على العرب والمسلمين) ، ولكن أي قارئ ومتابع ومحلل للسياسة المحلية والدولية والإقليمية ، فهناك الكثير من المتابعين للشأن الإيراني والأحداث في المنطقة العربية، والتغيّرات الدراماتيكية المتسارعة على أرض الواقع بأنها تحصيل حاصل و تصبّ نهايته في بوتقة الأقليات التي تسعى الأن إلى تقسيم بعض البلاد العربية كما هو الحال في سوريا ، الأمر الذي يخدم تحقيق مخطط “الشرق الأوسط الجديد”، وإن كان على مراحل. لا تنطلي عليه هذه الفبركات الإيرانية الاسرائيلية الأمريكية الذي يحركها العداء التاريخي للعرب والمسلين ، والذي هو وراء كل هذه المشاريع الغربية وحملات الفوضى الخلاقة وحروب الوكالة التي تخوضها مرتزقة و ميليشيا ت ايران الطائفية.) وهذا ما نطقت به كونداليزا رايس في بيروت بأن العالم يشهد الأن ولادة شرق أوسط جديد. وهذا المشروع يتقاطع تقاطعاً تاماً مع مشروع نظام الملالي الفارسي الطائفي في المنطقة من تصدير الثورة ومشاريعها التوسعية في البلاد العربية .
لاشك بأن فكرة مشروع بيريس المرسومة من ناحية التخطيط ، ونبوءة كونداليزا رايز من الناحية التنفيذية يهدفان الى تشكيل منظومة سياسية إجتماعية إقتصادية متحالفة بكل أطرافها ومناحيها ومنصهرة في بوتقة واحدة إبتداءً من التطبيع بين اسرائيل ودول المنطقة حيث تكون إسرائيل من الناحية الاقتصادية قائدة للمنطقة بالفكر الصهيوني والعرب عاملون لديها ،والذي سيكون حلاً لكل مشاكل وعقد و أزمات المنطقة وأمراضها المزمنة، وإن طال زمن تحقيقه من باب الإنصياع لرأس المال والفكر اليهودي ، وما التطبيع مع الامارات والبحرين وفتح الأجواء السعودية أمام الطيران الإسرائيلي هو أكبر دليل وشاهد على دور اسرائيل المستقبلي الذي سيرسم خارطة الشرق الأوسط ، في ظل الفعل الميداني المتصاعد على الأرض بكل أدواته الإيرانية ، والذي هو محط أنظار العالم الذي يعمل على مخططات التقسيم والانفصالات الإثنية والدينية المتجانسة والمتعايشة والمتزاوجة التي إندمجت مع بعضها البعض على مر العصور والعقود والقرون ، ولكن لا بد من إعادة رسم الحدود لإنصاف الإثنيات والأقليات ولو على حساب دماء الشعوب وتخلفها وفقرها. وفق خريطة امريكية معدة مسبقاً.
في الختام لاشك بأن إسرائيل وأمريكا سلبت من العرب في هذه القمة ما تبقى من ماء الوجه إن بقي فهي ستصبح سيدة الشرق الأوسط الكبير
هنا أستشهد بقول الضابط الأمريكي السابق (كولونيل متقاعد من الأكاديمية الحربية الوطنية الأمريكية)، رالف بيترز، مقالة بعنوان: "حدود الدم"، وهي جزء من كتابه "لا تترك القتال أبداً"،
واللافت أن العقيد السابق في الجيش الأمريكي أول ما بدأ به الحديث عن مشروع تقسيم الدول كان “الدولة الكردية”، وتشكيل دولة كردية في شمال العراق، والتي كما يراها البعض “حجر الأساس” لمشروع “الدولة الكردية الكبرى”.
إن تقسيم العراق إلى ثلاثة أقسام: كردي في الشمال، شيعي في الجنوب، وسني في الوسط، سيضطر الجزء السني إلى الالتحاق بسوريا، وذلك لأنه سيصبح دولة لا مقومات لها؛ بين مطرقة الدولة الكردية الكبرى إلى شماله، وسندان الدولة الشيعية إلى جنوبه، إذا لم ينضم إلى سوريا، وسيتم إجبار سوريا على التخلّي عن جزء صغير منها لضمّه إلى لبنان لتشكيل (دولة لبنان الكبير) على البحر المتوسط.
فكــــــــــــــــل عــــــــــــــــام وأنتـــــــــــــــــم عـــــــــــــــرب