لازالت ذكرى مذبحة حماه تتراءى أمام القلوب والمهج وخيال الخواطر والوجدان و القلوب ، وأطيافها تتراقص أمام مقل العيون ، وترويها بساتين الكرز الحموي والفستق الحلبي والكروم وحقول القطن البيض.
منذ أربعين عاماً مريرة مرت داست دبابات سرايا الدفاع ودبابات حافظ وقوات علي حيدر الخاصة والفرقة الاولى والثالثة و الحادية عشر أجساد الاباء والأطفال في مدينة حماه ، وأغتصب الضباع نساؤها وأحرقوا جثث الرجال ، بكل حقد طائفية . ووحشية عائلة الأسد التي كان لها فصولٌ سبقت جرائم بشار..
لونطقت حماه لقالت مات قاتل أولادي ، و تخضّبتْ أياديا بحناء الدم ، حماه مدينة أبو الفداء نعم هي حماة التي تلونت حيطانها بــــ لون الدم ، وأتشحت دروبها و أزقتها و زواريبها و جاداتها بالسواد ، حماه المشحونة بالغضب، وحيطان بيوتها الشامخة شاهدة على رائحة البارود وقذائف المدفعية العمياء وراجمات الصواريخ الصماء.
مات حافظ الأسد نيرون حماه ولم تمت حماه ومازالت تقاوم أربعين عاما مضت وبصمات المجرم في مدينة أبو الفداء لازالت شاهدة على فعلته القبيحة وإجرام جوقته المطبلة له ومات معه من مات منهم من زبانيته.
حماه المدينة المكلومة مدينة ابوالفداء أختفت منها الطيور وزقزقة العصافير وصياح الديكة ، لأنها ضاقت ذرعا بمناظر حملات الإعدامات الجماعية بحق عدد كبير من الأهالي من اطفال ونساء وشيوخ وقتل الأطفال أمام أعين ذويهم.وفي أحن امهاتهم وإغتصاب الفتيات على مرأى اهاليهن وآبائهن وأزواجهم وأخوانهن
كل أحجار حماه تنطق اليوم شاهدة على ما أقترفت يدي حافظ ورفعت وزبانيتهم ، وعسكر سرايا الدفاع المجرمة والوحدات الخاصة ، أبوا ب حماه المشرَّعة شاهدة على ذكرى المذبحة الأليمة وعلى أقوال رفعت التي أباح لعساكره حماه بنساءها ومصاغها ببيوتها وبكل ماأحتوت من خيرات حِسان.
منذ أربعين عاماً وهذه عصابة التشبيح لازالت تقتل بالشعب السوري من مجزرة حماة الى جسر الشغور الى سجن صيدنايا ومجزرة الكيماوي مئات المجازر والعالم سعيد فرح مسرور بشلال السوريين ويصرح العالم المتمدن بأنه يمارس تجاه حافظ وأفعاله المشينة ، ضبط النفس للأسف تركه العالم لأربعين عاماً يقتل كما يشاء ، وتلاه الوريث القاصر
لاتزال لعنة حماه ونواعيرها الحزينة التي تلونت مياهها بألوان دم الأطفال والنساء والشيوخ التي تَغرف بدلائها الكبيرة مياه العاصي العذبة ، التي تبحث عن الثكالى لترويهم من عذوبة مياهها، وتطفئ لهيب قلوبهن وحرقة أكبادهن على فقدان فلذات اكبادهن ، من شباب فقدوا وتاهوا وبنات أغتصبهن جنود أبو لهب ،قائد سرايا الدفاع ، وجنود علي حيدر أكلي لحوم البشر ، ومازالت مآذن حماه الحزينة تصدح بحزن عميق وتئن من ويلات ما شاهد هلالها ونجمتها و تلعن غاصبها في أوقاتها الخمسة.
سيوف أبو لهب أبكت من الحزن خشب ومياه النواعيرفتعالى نشيجهما ،على من ماتوا غدراً بلا ذنب قهراً وغيلة، خشبها عنين مياهها ، الذي لم يكن يوما يكل ولايمل منذ زمن طويل التي تئن ليل نهاراً، وهي ترى بعينها ،من مُثلت بجثثهم على مرأى العيون.
سبع وعشرون يوماً أسوداً من الحصار ، لم تهدأ حمم النار وصواريخ الحقد عن مدينة حماه التي سُوِّي حاضرها بالأرض هدماً من قذائف الحقد ، وحرقاً من لهيب نار الصواريخ .وبعد سبع وعشرون يوما من الحصار أوقعوا بالأطفال عندما دعوهم للأفران ليأخذوا الخبز واختلطت دماؤهم مع الخبز ، وذبحوهم في الشوارع .
سبع وعشرون يوما وحماه كلما أُترعت أحياؤها جاماً من المر والحنظل أ َترعها حافظ الاسد جاما من سم حقده. ونفث برائحة فمه الكريهة ليلوث العاصي التي هجرت أسماكه مياهه ، ولازالت مدينة أبو الفداء تنشد تراتيلها الممزوجة برشرشات المياه الحزينة ، ومعيدها ونشيجها وتنهداتها وآهاتها على من كانوا فصولاً لمذبحة ومحرقة أبي لهب
أيتها النواعير الصادحة بالألم العميق والعنين النابع من القلب المذبوح ، أيتها النواعير الساهرة لماذا لاتنامين، فالكل نام وانت ساهرة ماذا أصابك هل ستكوني الشاهد الملك على مذابح أشبال حماه على أيدي حافظ ورفعت وعلى حيدر وشفيق وتوفيق وصافي وجلول، كي تتذكري مأساة أربعين الف شهيد ، وتغريبة مائة الف نازح تاهوا في ارض الله الواسعة ، أم تتذكري خمسة عشر الف مفقود ، من الذين دفنوا أحياء في صحراء تدمر على يد أبي لهب ، ام كانوا ممن إعدموا رميا بالرصاص في حقول رمي عرطوز ومطار المزة والضمير وغياهب سجون المزة وصيدنايا.
لم يعقل ولم يذكر التاريخ بأن رئيس بلاد شن حرباً ضد أبناء شعبه كما فعل حافظ الأسد في الثمانينات وأبنه بشار في الألفين ، لقد كانت مجزرة حماة كارثة المدن التي قهرت الشعب السوري وكمت أفواهه، وجوعته وحاصرته وطوقته وكانت شوارع المدينة الجميلة الضيقة التي لم تتمكن دباباتهم العبور منها حماه كانت شماعة لتدمير البيوت من حولها لتوسعة الممر الذي اعتبره جيش حافظ الاسد ممرا يوصله الى الجولان السوري المحتل فقام بإعطاء اوامره الخبيثة بتدمير معالمها من المساجد والكنائس التي لم تسلم بالأساس من حمم القصف المدفعي على مدار سبعة وعشرون يوماًهذا القصف وعزلها قاتلها حافظ الحاقد عن العالم باكمله .
في صبيحة الثاني من فبراير 1982بعدالإنتهاء من التمهيد المدفعي بكل انواع الأسلحة الثقيلة المتوفرة لدى فرق وتشكيلات وقطعات الجيش النظامية وسرايا الدفاع والوحدات الخاصة ، أقتحمت طليعة الجيش من وحدات خاصة ، واللواء السريع الحركة التابع لسرايا الدفاع، واللواء 47 دبابات ، واللواء الواحد والعشرون الميكانيكي ، وفوج الإنزال الجوي الواحد والعشرين (قوات خاصة) بالاضافة للوحدات الملحقة المتشكلة من عدّة كتائب مكونة من عناصر مختلطة من مختلف أجهزة الأمن والمخابرات وفصائل حزبية مسلحة وسرايا الصراع بقيادة عدنان الأسد.حيث اقتحموا حي البیاض ويشهد فيه على إجرامهم مسجد الشیخ محمد الحامد الذي اعدم على بابه خمسين شابا من العائلات المدنية لعدم وجود ناقلات لنقل المعتقلین ، وتوالت المجزرة تلو الاخرى في”سوق الطویل”الشاهد على قتل قوات الأمن 30 شاباً على سطح السوق. وذلك في الیوم السابع من الاجتیاح .ومجزرة حي الدباغة ومجزرة حي الباشورة ومجزرة حي العصيدة وحي الشمالية والشرية والبارودية وسريحين ومعمل البورسلان ومجزرة حي العميان المكفوفين التي يندي لها الجبين وتقشعر لها الابدان .
اليوم المشؤوم من حملة الهجوم التي استمرت إسبوعين من الاستباحة هو الیوم الخامس من الإقتحام والإجتياح بعد ان قصف حي “سوق الشجرة” بشدة فاجتاحت قطعان جيش حافظ الجزار الحي وأطلقت النیران على الاطفال والشباب والنساء والشيوخ، ولم تكن هناك أي مقاومة حيث لم يكن مسلحون فقضوا على المدنيين الأبرياء وكان عدد الضحايا فيها مائة وستون ضحية من ضحايا الهمج التي يقودهم قادة رعناء .
أما عناصر الامن المنتقين حسب درجة حقدهم عناصر قاموا بقتل عائلات باكملها من أفراد أسر وعائلات آل علوان وحمود کوجان وآل أبو سن رجالهم ونسائهم وأطفالهم وأصبحوا اثراً بعد عين . وفي الیوم ذاته على قتل ما ئة شخصاً بینهم نساء وأطفال بعد حشرهم في دکان تسمى الحلبیة للبقوليات ، وأضرمت النیران في فيهم لتقضي على من بقي منهم على قید الحیاة حرقاً. وقضى بعضهم إعداماً ورمیاً بالرصاص وبعضهم طعناً بالسکاکین وتوفي بعضهم تحت الأنقاض جراء القصف وتفجیر البیوت بأصابع الديناميت المتفجرة .