أثبت الشعب السوري الحر بالشمال أنه الرقم الصعب والذي لايمكن لاحد تجاوزه او الإدعاء بتمثيله أو انه انهكته سنون الثورة الطويلة وبات لقمة سائغة لاي طرف خارجي كان ام داخلي…
كانت النهضة الثورية الشعبية في آب الماضي مفاجئة للجميع الذين ظنوا أن الثورة دخلت بسبات اهل الكهف..وان العزيمة تلاشت (وليس فترت فقط)..وبالتالي ترسّخت حالة الإحباط اواليأس وبات صوت من يقول ان المسالة السورية هي إنعكاس لصراع دولي بل إنها مدوّلة منذ بيان جنيف 1 بعام 2012 وان السوريين ليسوا اكثر من ادوات او كومبارس ينفذون بما يؤمرون وان اللعبة خرجت من أيديهم ..وماعلينا إلا إنتظار اللحظة التي يتم فيها تقاسم لحم الضحية السورية ..وان السوريين لن يكونوا على مائدة الطعام بل على قائمة الطعام
لاشك ان تصريحات وزير الخارجية التركي المعروفة بخصوص إصلاح علاقة الجمهورية التركية مع النظام السوري وضرورة إجراء (مصالحة ما) بين المعارضة الشرارة التي فجّرت براكين الغضب الشعبي وشهدنا المظاهرات الحاشدة عمّت المدن والبلدات من جرابلس إلى روابي جسر الشغور
لم ينتبه أصحاب الشأن المحليون او الجيران (او ارادو ان لاينتبهوا او يتنبّهوا)..ان شرارة بوعزيزي انطلقت لربيع سوري ثوري جديد…
كان الاحساس الشعبي ليس من الاستدارة التركية المتوقعة يوما ما في عالم السياسة والمصالح بين الدول…وليس لان تركيا هي الملاذ الخارجي الأخير …بل لان البنية او البنيان الداخلي للمناطق المحررة هشة ..وكان المشهد كارثيا…فصائل متناحرة ليس عندها اي تقدير لخطورة المرحلة او ادراك لمعاناة الحاصنة بل همها تقاسم الموارد والنفوذ وعندما لاتنجح الوساطات والتفاهمات يحتكمون إلى السلاح ويتم بولائم المناسف وتبويس اللحى تسوية الخلاف مرحليا وتأجيل الصراع الى مرحلة قادمة
طبعا ومما يفاقم النقمة الشعبية هو المزاودة على الجمهور بالشعارات الثورية..والتفاني في سبيل اسقاط النظام المجرم ..بينما يكاد يكون الصمت الحقيقي هو صمت الجبهات من النظام مع هدير شاحنات التهريب وتبادل المنتجات التجارية هو ما يؤرّق صمت القبور الذي يخيم على خطوط القتال
كان باديا ان الاوضاع ذاهية الى ربيع او إنفجار ما…عجّل بموعده المشاهد المؤسفة لوجود جسم هلامي وإسمه جيشا يجمع تلك الفصائل والتي تتجمع فيما ببنها بغرف واجسام ثم تتفكك لتجتمع بغرف واجسام أخرى ويتم تبديل مواقع الفصيل بين جسم وآخر حتى لم يعد يعلم من بقي يتابع تلك الاخبار اسماء غرف العمليات الجديدة او من ينضوي بها او من انسحب او تم فصله من تلك
القشة التي قصمت ظهر البعير او سبب الإنفجار الكبير هو قيام إحدى الفصائل المعروفة باغتيال الناشط محمد أبو غنوم ووزجته في استهتار واضح وفاصح وبوضح النهار وفي وسط مدينة الباب…
لم يكن المرحوم ابو غنوم هو المستهدف بالطبع لشخصه بل كان ارهاب كل الناشطين والنخب بكم افواههم وارهابهم لاجبارهم على الصمت وعدم المطالبة باي تغيير للواقع المزري بل الماساوي الذي يلف الثورة وحاضنتها ومناطقها على كافة المستوبات
قامت على إثر الجريمة أمنية الفيلق الاول بكشف ملابسات الحادثة والقبض على الجناة وبث اعترافاتهم على الملأ…وإنفجر البركان الشعبي والقى بحممه معلنا ان ساعة التغيير قد أزفت وتدحرجت الاحداث وتسارعت الى قتال حقيقي بين اهم مكونات الجيش الوطني عسكريا والتي تملك ارثا ثوريا وحاضنة شعبية وهيئة تحرير الشام الارهابية ..وسارصد ما تمخضت او ستتمخض عنه نتائج تلك الجولة من الصراع
1– كانت المظاهرات الشعبية العارمة والتي عمّت كل قرى وبلدات ومدن المحرر التعبير الحقيقي على نقاء الثورة السورية ونفاذ بصيرة حاضنتها الشعبية من كل المشاريع التي حاول البعض اسباغها على المنطقة بمطالبة الحلضنة الشعبية بالامن والانضباط عبر استيراد مشروع هيئة تحرير الشام للتخلص من فوضى الفصائل وافرازات تلك الفوضى
2– الرفض الشعبي عجّل بمشروع الدولة صاحبة النفوذ بالمنطقة والتي تتولى حمايتها امنيا وعسكريا والاشراف بالخطوط العريضة على ادارتها …التدخل عسكريا اصالة او وكالة عبر هيئة ثائرون للفصل ببن المتحاربين بعد فرض وقف اطلاق نار وانسحاب الهيئة الى مواقعها السابقة قبل بدء الحولة الاخيرة من الصراع بشكل كامل ونهائي..(ولن يفيد الهيئة التثاقل بالانسحاب او التذاكي عبر وجود امنيبن لها بمناطق غصن الزيتون مقلدة الميليشيات الطائفية ذات التابعية الايرانية بتبديل لباسها او تغيير هيئتها
3– فشل حلم هيئة تحرير الشام بالتمدد خارج ادلب ولو امتلكت القوة العسكرية والدهاء لتحقيق ذلك
4- بدء تناقل أنباء عن عزم الحكومة التركية احداث تغييرات جوهرية بالبنية العسكرية وتشكيل مجلس عسكري موحد يكون بديلا عن اخفاق تجربة الجيش الوطني ..وتوزيع القوى داخل ذلك الجسم الجديد بما يؤمن له النجاح وتادية المهام العسكرية فقط المتوطة به
5– تشكيل جسم مدني اداري مركزي موحد جديد او تقوية الحكومة المؤقتة الحالية وزيادة فعاليتها عبر منحها سلطات ادارية كاملة ورصد ميزانيات لعملها…وسيطرتها على كل المعابر والموارد وكف يد الفصائل عن ذلك…
6– إن تشكيل الجسم العسكري والمدني للمناطق المحررة سيسهم في تحقيق استقرار امني نسبي وتفعيل اداء الخدمات العامة والاهتمام بالبنية التحتية والاستثمارية ..لخلق الظروف الكفيلة باللاجئ السوري المقيم بتركيا في العودة الطوعية الى بلده..
إن تحقيق تلك العودة هي سياسة تركية معلنة من قبل الحكومة التركية لتخفيف الاحتقان او الخطاب والمملرسات العنصرية من بعض الاشخاص او الاحزاب في تركيا اتجاه اللاجئ السوري…وهو الامر ان نجح سيكون ورقة قوية بيد حزب العدالة والتنمية لتحقيق الفوز في الانتخابات العامة والرئاسية بصيف العام المقبل
7–ان بناء نموذج معقول نسبيا باشراف تركي يساهم بتقوية اوراق انقرة بالملف السوري وطاولة الحل المقبل…ويؤمن مرحليا استجابة للسياسة التركية فيما اذا تحسنت العلاقات مع النظام السوري ودحض لكل الاتهامات التي توجهها قسد ورعاتها الى فشل النموذج التركي في بناء مناطق سورية مستقرة وناجحة وتملك حدا مقبولة من الحوكمة ..