في بيان صدر يوم السابع من كانون الثاني 2023، استنكر وزير الرياضة والشباب الإيراني ما أسماه “تحريف اسم الخليج الفارسي” في كأس الخليج، وطالب اتحاد الكرة الإيراني بالاحتجاج الرسمي لدى الاتحاد الدولي لكرة القدم (FIFA) في أسرع وقت ممكن. وأعلن الاتحاد الإيراني لكرة القدم أنه سيحتج أمام الفيفا على استخدام لقب مجهول في مسابقات كأس الخليج الجارية حاليا في البصرة وأضاف بيان الاتحاد الإيراني “من الواضح أن الخليج الفارسي هو اسم أصلي وتاريخي تم استخدامه بشكل مستمر لسنوات عديدة في جميع اللغات والأدب العالمي، وفي الأطالس التي تحتوي على خرائط قديمة وخرائط تاريخية وسنقدم الوثائق عن ذلك الى الفيفا”.
كيف وصلت عنجهية وتعسف ولاية الفقيه الفارسية العنصرية الى رفض حقنا في تسمية خليجنا؟ في السطور ادناه أحاول الإجابة على هذا السؤال:
أولا: اعتراض ولاية الفقيه على تسمية الخليج بالعربي ليس خلافا على تسمية جغرافيّة، بل يخفي وراءه توجه توسعي لاحتلال الخليج العربي، فلا زالت ايران تطالب بالبحرين وترفض التحكيم حول الجزر الاماراتية الثلاث، وكثير من كتابها العنصريين يتبنون النظرية الصهيونية في التوسع والاستيلاء على ما يسمونها (أرض بلا شعب) لإعادة الإمبراطورية الفارسية التي اسقطها الإسلام، والجدير بالذكر هنا أن نظرية التوسع الفارسية أخطر جغرافياً من نظرية الاحتلال والتوسع الصهيونية، فالأولى اقصى طموحها “من الفرات الى النيل” والثانية طموحها الجغرافي يمتد “من بغداد الى القاهرة ومن عدن الى حلب” وعلى العرب ان ينظروا الى الأمر بهذا البعد الخطير وليس على أنه خلاف على تسمية الخليج في دورة رياضية!
ثانيا: ولاية الفقيه نظام منافق، ففي حين يدعي انه “جمهورية إسلامية” ونصت الفقرة (15) من المادة الثالثة من دستوره على (توسيع وتحكيم الاخوة الإسلامية والتعاون الجماعي بين الناس كافة)، إلا ان العقيدة الحقيقية وسلوك ولاية الفقيه هو عنصري فارسي توسعي مناقض لروح الإسلام، وقد اقترحت شخصيات إسلامية على خميني تسمية “الخليج الإسلامي” من أجل انهاء الخلاف مع العرب وتأكيد الهوية الإسلامية للثورة الإيرانية، إلا ان الخميني رفض ذلك وبقوة واصر على تسمية “الخليج الفارسي”.
ثالثا: لم يعترض العرب على تمسك الفرس بتسمية (الخليج الفارسي)، وهي مأخوذة من تسمية “خليج فارس” التي اطلقها الاسكندر الأكبر على الخليج بعد رحلة موفده أمير البحر نياركوس عام 326 ق. م. الذي عاد من الهند بأسطوله بمحاذاة الساحل الشرقي للخليج. ولم يفرض العرب على الفرس تسمية الخليج العربي مع أن حقائق التاريخ والديموغرافيا تقول إن الخليج عربي وجميع تسمياته، منذ عصور حضارة وادي الرافدين، عدا تسمية الاسكندر الأكبر، عربية، ومنها: خليج البصرة، خليج عُمان، خليج البحرين، خليج القطيف، خليج العراق، وإن الرومان أيضا سمّوه “الخليج العربي”، حيث وصف المؤرخ الروماني بلني (Pliny) مدينة المحمرة العربية بأنها (تقع في الطرف الأقصى من الخليج العربي). إضافة الى أن القبائل العربية تسكن جانبي الخليج منذ القدم. ولا تزال القبائل العربية الاحوازية تسكن في الساحل الشرقي الذي تحتله إيران، وحاليا ثلثي سواحل الخليج تملكه بلدان عربية، بينما تملك إيران حوالي الثلث فقط.
رابعا: تدعي ايران أن الأمم المتحدة اعتمدت تسمية “الخليج الفارسي” ويجب على الجميع الالتزام بالتسمية، والحق إن الأمم المتحدة تستخدم في وثائقها كلا التسميتين،وهي ليست حَكَما في هذا الموضوع، إضافة الى أن الأمم المتحدة تنشر ما يردها دون تدخل في حق الدول بالتسميات الجغرافية، فمثلا الوثائق البريطانية تسمي جزر المحيط الأطلسي الجنوبية (فوكلاند) والأرجنتين تسميها (مالفيناس) والأمم المتحدة تنشر تسميات الجانبين.
خامسا: لقد أخطأت دول الخليج العربي عندما بالغت في مجاملة ولاية الفقيه بأن تجنبت تسمية (الخليج العربي) باسمه في كثير من أدبياتها ومواقفها واكتفت بتسمية (الخليج)، ومن ذلك تسمية مجلس التعاون باسم (مجلس التعاون لدول الخليج العربية) أو تسمية مراكز الابحاث (مركز أبحاث الخليج) أو الصحف (صحيفة الخليج الإماراتية) وصحيفة (أخبار الخليج البحرينية) وصحيفة (أصداء الخليج السعودية) وصحيفة (الخليج الكويتية).
سادسا: ما العمل
1- كعربي، أدعو دول مجلس التعاون إلى أن تحذف تاء التأنيث من تسمية المجلس ليكون (مجلس التعاون لدول الخليج العربي)، وتعميم تسمية “الخليج العربي” في جميع أدبياتها ومواقفها.
2- على مراكز البحوث العربية نشر أوسع الحقائق للجمهور العربي عن تاريخ الخليج العربي وإن تسمية الخليج العربي ليست “لقبا مجهولا”، وكشف ما تخفيه الدعاوى الفارسية العنصرية ضد عروبة الخليج من نوايا عدوانية توسعية.
3- مطلوب من الاتحاد العربي لكرة القدم ان يرد على رسالة الاتحاد الإيراني لكرة القدم إلى الاتحاد الدولي لكرة القدم (FIFA) ويستنكر تدخله في حق الدول الأخرى باستخدام تسمياتها الجغرافية كونه تدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى، ويفند ادعاءات ولاية الفقيه حول تسمية الخليج العربي ويرفق بها دراسة شاملة عن تاريخ الخليج العربي.
4- تدعي ولاية الفقيه أنها حددت اولوياتها على صعيد السياسة الخارجية في التعاون مع دول الجوار، لكنها بالمقابل تقوم بكل ما يناقض هذه الدعوة. ومن المناسب أن ترد دول الخليج العربي على دعوة الحوار الايرانية بصراحة وأمام الرأي العام العالمي وتضع ايران أمام مسؤولياتها بموجب القانون الدولي وتطالبها باستحقاقات تاريخية وقانونية وسياسية واجبة التنفيذ أولها احترام سيادة ووحدة اراضي دول الجوار وعدم التدخل في شؤونها الداخلية ووقف التحريض الطائفي وبقية عمليات الإرهاب والتخريب المنظّم التي يقوم بها فيلق القدس وتقوم بها ميليشياتها.
سابعا: الخلاصة: إذا كانت العنصرية الفارسية المتمثلة بنظام ولاية الفقيه، وهي بهذا الضعف والانكسار في الداخل والخارج، تواصل احتقار حق العرب في اختيار تسمياتهم الجغرافية وتواصل اعتبار أرض العرب (مجالها الحيوي). فإنها بالتأكيد مصابة بداء لا ينفع معه أي دواء، وانها تسير بخطاها الى مزبلة التاريخ.