بعد قرار اللجنة الاقتصادية برئاسة مجلس الوزراء، رفعت حكومة بشار الأسد اليوم أسعار الوقود، من 3.3 ملايين ليرة للطن إلى 4.4 ملايين بعد أن رفعت شهر مايو/أيار الماضي، سعر بنزين أوكتان 95 من 6600 إلى 7600 ليرة لليتر، ورفعت سعر أسطوانات الغاز المنزلي إلى 50 ألف ليرة والصناعي إلى 75 ألفاً، الأمر الذي أثار مخاوف على نطاق واسع من حدوث ارتفاع جديد أسعار أغلب السلع الأخرى.
واعتبر الصناعي السوري محمد طيب العلو، أن ربط رفع سعر الوقود بتراجع سعر صرف الليرة السورية التي تهاوت اليوم أمام الدولار إلى نحو 9 آلاف ليرة “عذر غير مبرر من الحكومة” فبدل أن تسعى الحكومة لتحسين سعر الصرف، تزيد الأعباء على الصناعيين الذين يعانون من ظروف إنتاج “خانقة” جراء عدم توفر المواد الأولية والمشتقات النفطية، إضافة إلى معوقات التصدير وضعف القدرة الشرائية بالداخل.
ويضيف العلو لـ”العربي الجديد” أن النتيجة الطبيعية لرفع أسعار الوقود، هي زيادة أسعار المنتج النهائي، أو، وهذا مرجح، زيادة إغلاقات المنشآت أو تقليل الإنتاج والعمالة “لا أحد يشتغل بخسارة”، معتبراً أن رفع أسعار الوقود اليوم، تضييق إضافي بواقع انقطاع التيار الكهربائي وغلاء أسعار المازوت بالسوق السوداء.
لكن رفع سعر الوقود، برأي الصناعيين، بشكل أكبر من بقية المشتقات النفطية، سينعكس على دوران الآلات بالمصانع، بعد الرفع المتتالي خلال شهرين، إذ رفعت حكومة الأسد الشهر الماضي سعر طن الوقود من 1.4 مليون ليرة إلى 3.3 ملايين قبل أن ترفع اليوم سعر الطن إلى 4.434 ملايين ليرة سورية.
ويتساءل الخبير الاقتصادي محمد كوسا عن سبب عدم القيام بدراسة متكاملة منذ البداية، لرفع السعر مرة واحدة 70%، بدلاً من اتخاذ قرارين لذلك. معتبراً أن الرفع التدريجي للأسعار لا يخفف الآثار على أرض الواقع، وإنما سيؤدي إلى تفاقم الأوضاع، وزيادة معدلات التضخم بشكل متسارع.
ويضيف كوسا، خلال تصريحات اليوم، أنه لكون الحكومة تعيد النظر في ملف الدعم وإعادة هيكلته، فهي تقوم بترتيب بعض القضايا المتعلقة بأسعار الطاقة، وخاصة أن أسعار النفط تخضع للأسعار العالمية، وبالتالي فإن الدعم الذي تقدمه الحكومة يتمثل في فرق التكلفة بين أسعار النفط الأساسية وبين الأسعار الموزعة لأصحاب الفعاليات الاقتصادية.
وتوقع كوسا صدور قرار خلال الفترة القادمة يتعلق بأسعار الكهرباء للشرائح التي يزيد استهلاكها على 1500 كيلو واط ساعة، باعتبار أن متوسط الاستهلاك المنزلي 1500 كيلو فما دون، أي إن الزيادات ستكون للشرائح التي تحقق مكاسب مادية أكبر.
وحول أثر رفع سعر الوقود على السلع والمنتجات، يشير كوسا إلى وجود ثقافة مجتمعية مترسخة بين التجار أنهم يقومون برفع الأسعار عندما يعلمون بارتفاع سعر أي مادة أولية، ويعملون على رفع الأسعار مستغلين الفترات التي لا تقوم فيها الحكومة بضبط الأسواق ومحاسبة التجار لتحقيق أكبر قدر ممكن من الأرباح، لافتاً إلى أن هذا القرار يجب أن ترافقه إجراءات احتياطية من الحكومة إذا كان سيؤثر في القطاعات الإنتاجية المتعلقة بحياة المواطن واحتياجاته اليومية. وأضاف: “كان يجب على الحكومة دراسة هذه القطاعات والاطلاع على كل المعطيات على أرض الواقع لمعرفة أكثر الصناعات تأثراً”.
ويرى سوريون أن حكومة الأسد ستستمر برفع أسعار المشتقات النفطية وزيادة الضرائب، كي تؤمن فوائض مالية تمكنها من رفع الرواتب والأجور، كما رجّح الاقتصادي عبد الناصر الجاسم.
وأشار الجاسم في حديثه لـ”العربي الجديد” إلى أن سورية، بطبيعة الحال، تستورد نحو 40% من الاستهلاك المحلي للوقود، لأنه مطلوب للمنشآت الصناعية وتوليد الطاقة “بديل المازوت”، مقدراً حاجة المنشآت الصناعية لهذه المادة بنحو 936 ألف طن سنوياً.
ويضيف الجاسم أن رفع أسعار الوقود اليوم، سينعكس مباشرة على أسعار السلع، ربما بأكثر من 10%، ما يزيد من حرمان السوريين وفقرهم، لأن الوقود هو البديل المتاح بصناعة المعجنات والحلويات، كما توليد الكهرباء بالعمل الزراعي.
وكانت اللجنة الدولية للصليب الأحمر، قد أعلنت أخيرا، أن نحو 90% من السوريين يعيشون تحت خط الفقر، وأن أكثر من 15 مليون شخص بحاجة إلى مساعدات إنسانية، مشيرةً إلى أن السوريين يواجهون العديد من التحديات بدءاً من ضعف الاقتصاد وصولاً إلى سوء أوضاع البنى التحتية.