[بقلم الدكتور باسل معراوي]
لايخفى على احد ان حل القضية السورية لايمكن ان يمر دون توافق بين القوتين الاعظم (امريكا وروسيا) لانهما تدخلا بالثورة السورية من اول يوم والى الان تملك كل دولة منطقة نفوذ وتواجد عسكري مباشر لقواتهما على الارض.
بدا تدخلهما بصياغة بيان جنيف 1 بحزيران 2012 مرورا بالتدخل العسكري المباشر امريكا بالتحالف الدولي لمحاربة داعش 2014 والتدخل الروسي المباشر بايلول 2015…ثم اتفاقهما على تمرير القرار الاممي 2254 باواخر عام 2015..وكانا الراعيان الحقيقيان لمسار جنيف وجولاته المتعددة ..حتى ان الامريكان لم يكونوا بعيدين عن اجواء ونتائج مساري استانة وسوتشي وكان لهم دائما مندوب خاص يعنى بالملف السوري مباشرة.
وكان صدور قانون قيصر والخطوط الحمراء الامريكية الموضوع على اجتياح قوات النظام وحلفائه الروس والايرانيين للشمال السوري(الشرقي والغربي) حاضرة بدعم التواجد التركي بالاراضي السورية…كانت واشنطن راغبة بامتلاكها حق كتابة السطر الاخير بالمشهد السوري (وهي قادرة على ذلك).
وكان قد سبق صول الرئيس الديمقراطي الى البيت الابيض حالة ترقب دولية لانتظار خيارات الادارة الجديدة واستراتيجيتها في كل بقعة من العالم واصلاح ما افسدته سياسات ترامب الارتجالية.
كان واضحا تركيز الرئيس الامريكي الجديد على التفرغ خارجيا للصراع مع الصين والانسحاب من المناطق القلقة كافغانستان والعراق وراب الصدع مع اوربة زداخل حلف الناتو والضغط على روسيا ببعض العقوبات الاقتصادية وبالملف الاوكراني وقضية حقوق الانسان والمعارضة داخل روسيا (قضية المعارض نافالني خاصة) وكان (كما يرى بعض المراقبون) ووصف الرئيس الروسي بالقاتل استعمال الضغوط القصوى على موسكو بغرض اعطاءها امتيازات ومكاسب في اوكرانيا وسورية والغاية تحييد روسيا عن الصراع الامريكي الصيني وهو ما لمس الجميع بوادر من موسكو للقبول به.
بوادر نجاح القمة الروسية الامريكية بمايخص سورية
ستجري خلال الاسبوع القادم قمتان على درجة عالية من الاهمية ..
قمة الرئيس التركي والامريكي ب14 حزيران ببروكسل على هامش قمة الناتو.والقمة الثانية بجنيف بعد يومان وتجمع الرئيسين الروسي والامريكي.
سبق القمتين ارسال انقرة(المعني الاول بالقضية السورية) لوفدين رفيعي المستوىالى موسكو وواشنطن لبحث الملف السوري وتقريب وجهات النظر بين القطبان العالميان بدور اشبه مايكون بالوساطة نظرا لتمتع انقرة بعلاقات مقبولة مع الطرفين…
ان فرصة حدوث الصفقة بين موسكو وواشنطن حول سوريةكبيرة..مايؤكد ذلك اخيرا دراسة الملف السوري بهدوء وعناية وبعيدا عن الاضواء والصخب الاعلامي وطلب الاربعة الكبار في الكونغرس(رئيسي لجنتي الشؤون الخارجية والدفاع في مجلسي الشيوخ والنواب من الحزبين) الرئيس الامريكي بتشديد الضغوط السياسية والاقتصادية على النظام السوري لاجباره على الرضوخ للتسوية السياسية..وقد ترافق ذلك مع تصربح مهم لبوغدانوف نائب وزير الخارجية الروسي خلال اجتماعات منتدى بطرسبوغ للامن والتعاون الدولي باستعداد روسيا على المضي قدما بالضغط لاجراء انتخابات رئاسية سورية مبكرة اذا ماتوافق السوريين على ذلك…وهي اشارة ان كل شيئ قابل للتفاوض ولايغرنكم الهمروجة الانتخابية الاخيرة التي اجراها النظام السوري.
لن يكون الاعتراف الامريكي بالوضع الجيوسياسي الروسي في المنطقة واستمرار النفوذ الروسي السياسي والعسكري بسورية تنازلا امريكيا مقابل تعاون روسي كامل بقراءة متأنية وواقعية وحديثة للقرار الدولي 2254 (الذي وافق عليه الطرفان) وتشكيل هيئة حكم انتقالي كاملة الصلاحيات وبقية الخطوات ضمن خارطة طريق وبرنامج زمني صعبا ..بتوفر الارادة الحقيقة من الجانبين وضمان مصالحهما بسورية.
هذا ماتشير اليه المعطيات بقرب حدوث هذا التوافق وانهاء عذابات عقد كامل من الزمن مرت على سورية والسوريبن تدمل ما يمكن من الجراح ويبقى الجانب الاهم منوط برغبة وقدرة السوريبن على انجاز التوافق المؤدي للحل والا لن يكون امام الجميع الا خيار الصوملة او البلقنة وهو المصير الذي لايرغب به احد.