من الرئيس الخالد إلى الرئيس المفدّى.. من يحاصر سوريا؟

يستظلون بـ “العقوبات” و”قانون قيصر”، لتبرير كل هذه المجاعة، وذاك البؤس وانعدام أسباب الحياة امام “مواطنهم” السوري
قانون قيصر والعقوبات “وصلت القصر من مبارحة العصر”، أما الخمسين سنة الفائتة من تدمير البلاد واقتصاديات البلاد وكرامة ناس البلاد، فلم تكن من نتائج قانون قيصر ولا الاجتهادات المحاكة حوله، فكل من عاش بسوريا، وتتبع الحياة السورية، يعرف بالتمام والكمال، أن عائلة حاكمة مع محاسبيها وأزلامها، نهبت البلد واعتدت على لقمة الناس وأخرجت البلاد من الزمن
قبلهم كانت سوريا
ـ من البلدان المحسوبة في مجال الانتاج الزراعي، حتى أن القمح السوري في خمسنيات القرن الفائت كانت قادرة على إطعام العالم الثالث من القمح القاسي
ـ من البلدان المحسوبة على النهضة الصناعية وتحديدًا في مجال الغزل والنسيج حتى أن قماش كرسي الرئاسة في البيت الأبيض كان من “الدامسكو”  السوري
ـ من البلدان التي تتطلع للحياة الديمقراطية، ففي 1956 كان لسوريا 56 صحيفة مابين صباحية ومسائية ويومية وأسبوعية
وفي الـ 56 صنّفت دمشق من منظمة اليونسكو باعتبارها “أنظف مدينة  بالعالم”
وكانت غوطتها تستظل الغني والفقير، ولم يكن ثمة فقر يطال اللقمة، فالطبقة الوسطى كانت الأكثرية، وحتى الإقطاع الزراعي كان له منظومة أخلاقية تسمح للفلاح “المرابع” ان يكون له ربع الغلال من كل المواسم
كل ماسبق انقلب مع صعود العسكر، فـ
ـ احتكروا السلطة ومن ثم شاركوا أصحاب المال بالابتزاز والبوط االعسكري، وانتقلوا مع الأيام من شركاء إلى محتكرين، وجولة في ممتلكات أصحاب النفوذ والمال، تدلك على التفاصيل، ويكفي رحلة إلى جبال الساحل االسوري لندرك حجم الإذلال الذي يعيشه مواطنوها، بالقياس مع حجم البذخ الذي يعيشه متنفوذها
قانون قيصر والحصار جاء لاحقًا، وحتى لو قلنا بأن لقانون قيصر مفاعيله على الحياة السورية، فلماذا كان هذا القانون، ومن دفع إلى إقراره، وعلى الأقل من منح ذريعة إصداره؟
قبل قانون قيصر مئات الجثث من سجناء الرأي السوريين دفنت في مقابر مجهولة، ومازلنا نكتشف مقبرة تتلو مقبرة، وليس آخرها “مقبرة الحفرة”، التي إن لم تكن كفيلة بالإيضاح فلهذا معنى واحد، هو أن العماء قد أصاب من لايريد أن يرى
بعد نهب البلاد، ومعه، كانوا قد نهبوا لبنان، والتفتوا إلى العراق، ولم ينقصهم تصدير المخدرات إلى “الشقيق”، فكانت الفضيحة تتلو الفضيحة، ومع كل فضيحة تبرير جديد، واليافطة تقول
ـ العداء للاميريالية هو سبب الحصار
العداء للامبريالية، واموالهم في المصارف “الامبريالية”
العداء للامبريالية وأولادهم يتعلمون في المدارس “الامبريالية”
العداء للامبريالية ونساءهم تسوح في الشواطئ الامبريالية
العداء للامبرياالية مضاف إليها العداء للصهيونية، وقد “باعوا” القنيطرة، ووجهوا بنادق جنودهم للداخل، ولم يقلقوا نوم إسرائيلي
واليوم؟
بلد باكمله بلا كهرباء للإنارة، ولا كهرباء للصناعة، ولا كهرباء لمرفق عام، وفي كل هذه المعمورة، ليس ثمة بلد واحد يعيش في العتمة سوى بلد سلبوه مقدراته، وتسببوا له بالعداوة كل العداوة مع العالم كل العالم، بعد أن أذاقوا مواطنيهم الذل كل الذل.. ذل السجون وذل الموت غرقًا في البحار، وذل الصمت على مالايمكن سوى البوح به
ما من عالم يحاصر سوريا.. من يحاصرها هو من نهبها
من نهبها فقط هو الحصار، وهو العتمة، وهو الجلاد، وهو
ـ الرئيس الخالد وقد اورث الرئيس المفدّى

سوريا الأمل

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.