لا جدال ولا شك في مشروعية المطالب الشعبية التي نادى بها السوريون والسوريات منذ اندلاع ثورة الكرامة على إثر كتابات أطفال درعا في ١٨-٣-٢٠١١ والتي تمثلت بالعيش الكريم إختصاراً لحزمة واسعة من الحقوق المسلوبة والسعي لاستعادتها وهي تبدأ من حقوق أساسية ترافق الأنسان منذ ولادته، بل منذ بداية تشكله كجنين في رحم أمه ، ولايجوز لأي سلطة وتحت أي عنوان انتقاصها ، و حقوق ومطالب أخرى سياسية واجتماعية وثقافية و اقتصادية …..الخ
وهي أيضًا حقوق من المفترض أنها شرعية وفقا للقانون وواجب السلطة حمايتها وصونها .
ومن هنا تأتي مشروعية الثورة على السلطة التي تنتقص وتنتهك هذه الحقوق من جهة ، ولا تحمي المواطنين و تنتهك الحقوق الأساسية مثل حق الحياة و حق الحرية .
ولايمكن إنكار مشروعية هذه المطالب التي تجعل من الانتفاضة والثورة حق مشروع ومايتبع ذلك يبنى على هذه المشروعية وفي ظل غياب سلطة وطنية ووجود عصابة تحتكر القوة العسكرية وترتهن الدولة تصبح المواجهة المسلحة أمر لامفر منه و بطبيعة الحال تصبح الثورة المسلحة مشروعة لحماية المظاهرات السلمية وللدفاع عن النفس في مواجهة القتل والاعتقال وهذا أيضًا مشروع قانونيًا و دينيًا وأخلاقيًا.
غير أن هذه المشروعية لاتكفي في ظل المنظومة الدولية التي تشكلت بعد الحرب العالمية الثانية و ظهور منظمة الأمم المتحدة التي أصبحت الصورة الواقعية للتنظيم الدولي الذي يقوم على هيمنة القوى المنتصرة من خلال الذراع التنفيذي للأمم المتحدة ألا وهو مجلس الامن الدولي وذلك من خلال حق نقض أي قرار ، لكل دولة من القوى الخمس دائمة العضوية ، لا يلبي مصالحها أو يتعارض معها وهذا ما عرف بحق “الفيتو” إبطال أو تعطيل أي قرار لايتم الإتفاق أو التوافق عليه ضمن هذه المنظومة التي وضعت أسس الاعتراف بالدول ووسمت التنظيم الدولي والشرعية الدولية بختمها واعترافها .
ومن خلال الاعتراف بالدولة أنها عضو في الأمم المتحدة ووفق لمبادئها في احترام (سيادة الدول) وعدم التدخل في الشؤون الداخلية يعني ذاك أن هذا الكيان أصبح محميا وفق النظام العالمي القائم .
وهذا يعني أن شرعية الدولة في المجتمع الدولي تنبع من استمرار الاعتراف بها كدولة عضو في الأمم المتحدة و استمرار عضويتها في مؤسسات المنظمة و اشغالها لمقعدها في الجمعية العامة للأمم المتحدة و التحدث باسمها.
وهنا المعضلة السورية ضمن هذا الواقع الدولي و تناقضات المصالح للدول المتدخلة في القضية السورية
ففي حين تم الاعتراف السياسي بالائتلاف الوطني السوري لقوى الثورة والمعارضة كممثل للشعب السوري ، و تم التعامل مع هذا في المحافل الدولية و لحظ ذلك في قرارات مجلس الأمن المتعلقة بالقضية السورية الا أن هذا الاعتراف السياسي لايكفي دون اعتراف قانوني كبديل عن السلطة الحاكمة ولم يرفع الاعتراف القانوني عنها في الأمم المتحدة وبقيت تحتكر الشرعية لدى الأمم المتحدة و هذا يفسر بقاء ممثلي (النظام ) في بعثاتها و مؤسساتها و يترتب على ذلك الكثير من القضايا التي ساعدت على استمرار هذه السلطة و استغلالها لهذه (الشرعية )في قمع الشعب السوري و الإفلات من المحاسبة على الرغم من الإدانات ليس أقلها استخدام السلاح الكيماوي في عدة مناطق راح ضحيه عشرات المئات من الأطفال والنساء والمدنيين في جريمة حرب موصوفة في القوانين الدولية.
و في حين تم اختراق مبدأ السيادة الوطنية لسورية المرتهنة لهذه السلطة الدكتاتورية في ظل وجود جيوش وميليشات أجنبية متعددة إلا أن المضحك أن هذه العصبة ما تزال تتحدث عن السيادة الوطنية والاكثر هزلية أيضًا تحدث هذه القوى المتدخلة في شتى المناسبات عن احترام (سيادة سورية ).
دبلوم في العلاقات الدبلوماسية الدولية
المقال السابق
المقال التالي