مأزق الاتفاق النووي والقلق من انفجار الغضب الاجتماعي في إيران

خلافًا للدعاية الإعلامية الكاذبة القائمة على التقريب بين وجهات نظر الأطراف المفاوضة بشأن الاتفاق النووي، تعترف عناصر نظام الملالي الآن بأن التفاوض والاتفاق کان على “لا شيء” بكل ما تحمل الكلمة من معنى.وقال الحرسي كاظم أنبارلوئي: “يجب علينا أن نعلم أن الاتفاق ليس أمرًا حتميًا، ولا يمكن للمرء أن يعقد الأمل على تنفيذه. فالتفاوض حول صفر نتائج لا يثمر عن شيء أيضًا”. (صحيفة “رسالت”، 6 أبريل 2022).والأخطر من الضجة حول لا شيء هو الحلم برفع العقوبات، وكتبت صحيفة “رسالت”: “من رابع المستحيلات أن يتم التوصل إلى اتفاق”.إذ إن رفع العقوبات وهمٌ وحلم، ولن يتم التوصل إلى اتفاق على الإطلاق. ولن يوافق أي أمريكي في مجلس الشيوخ ولا في مجلس النواب ولا في البيت الأبيض على رفع العقوبات” (المصدر نفسه).

فما هو السبب في ذلك؟

للإجابة على هذا السؤال يتعين علينا أن نعود إلى الأسس والمعطيات التي جعلت من الصعب التوصل إلى اتفاق نووي بين نظام ولاية الفقيه والأطراف التي تروِّج لسياسة الاسترضاء.

ما هي هذه الأسس والمعطيات؟

  1. لقد ثبت بمرور الوقت أن هدف السلطة الدينية من المشروع النووي الضخم ليس سوى الحصول على القنبلة النووية. والجدير بالذكر أن هذا المشروع بدأ منذ البداية واستمر بطريقة مفاجئة وسرية بعيدًا عن سيطرة الوكالة الدولية للطاقة الذرية. إن احتياج هذا النظام الفاشي لاقتناء القنبلة النووية هو نقطة ارتكاز احتياجه للحفاظ على بقائه وتصدير الإرهاب والأصولية. وبناءً عليه، لم ولن يكفَّ عن ذلك بإرادته.
  2. أغرز إحساس المقاومة الإيرانية بالمسؤولية الإنسانية والوطنية ومواقفها السلمية سفينة مشاريع نظام الملالي النووية السرية في الوحل، وأيقظ العالم من نومه العميق. وقد أدت هذه الفضائح الصحيحة والموثقة والمتوالية إلى توعية الرأي العام العالمي بالمشروع النووي لنظام الملالي، وإيجاد العديد من العقبات في مسار سياسة الاسترضاء. وعبور هذه العقبات والخطوط الحمراء ليس بالأمر الممكن.
  3. بعد الانتفاضات العامة في إيران، لم تعد سياسة الاسترضاء قادرة على استثمار نظام الملالي بسهولة. وجعل الوضع المتفجر في إيران منحْ تنازلات لهذه السلطة المرتبكة لا طائل منه ومقترن بالفضائح.

الوهم برفع جميع العقوبات

إن رفع العقوبات كما تروِّج سلطة الملالي كذبًا في وسائل الإعلام أو كما تنشده؛ ليس بالأمر الذي يتحقق بسهولة. إذ إنه فضلًا عن أن هذه العقوبات تشتمل على عقوبات نووية، فإنها تشتمل على عقوبات غير نووية أيضًا، حيث أنه من غير الممكن رفعها بموجب الأمر التنفيذي لرئيس الولايات المتحدة. فعلى سبيل المثال، حتى لو تم شطب قوات حرس نظام الملالي من قائمة التنظيمات الإرهابية – وهذا أمر مستحيل – فإن هذا التنظيم الإرهابي سوف يبقى مدرجًا في قائمة العقوبات، وستكون التجارة معه محظورة. كما لن يتم شطب الأفراد القانونيين والاعتباريين المنتسبين لقوات حرس نظام الملالي من قائمة العقوبات.

مأزق الاتفاق النووي

بعد أن هدأت التمتمات حول التوصل إلى اتفاق، تشير المعطيات الآن إلى وجود مأزق في المفاوضات النووية. ولا تقتصر عواقب هذا المأزق على الاتفاق النووي فحسب. إذ أن الظروف المعيشية المتردية جعلت – استنادًا إلى اعتراف وسائل الإعلام المنتمية للسلطة – صبر المواطنين ينفذ ويفيض بهم الكيل. ويدور الحديث الآن بوضوح في وسائل الإعلام المشار إليها حول الإطاحة بنظام الملالي.

وقال الخبير الاقتصادي والأستاذ الجامعي، إبراهيم رزاقي، في هذا الصدد:

“على الرغم من أنه من المحتمل أن تركب بعض التيارات المحلية والأجنبية المناوئة لجمهورية إيران الإسلامية الموجة، وتسيء استخدام التحديات والمشاكل والأزمات المعيشية والاقتصادية التي يعاني منها المجتمع؛ بغية مهاجمة النظام القائم وحتى الإطاحة به، إلا أنه لا يمكن في الوقت نفسه تجاهل الحقائق المريرة الحالية. ومن المؤسف أن قدرة المجتمع على التسامح تتقلص يومًا بعد يوم؛ بسبب المشاكل الكثيرة التي يعاني منها. وقد تسبب هذا الأمر في هشاشة الوضع في المجتمع (قل في سلطة الملالي) لدرجة أنني أشعر بالقلق من احتمال حدوث انفجار اجتماعي؛ بسبب الأزمات المعيشية”. (صحيفة “شرق”، 7 أبريل 2022).يبدو أن الاتفاق النووي الذي كان من المفترض أن يكون فرصة لنظام ولاية الفقيه لكسب الوقت وتلقي طوفانًا من الدولارات؛ قد أصبح الآن فتيلًا لتفجير غضب الشعب. شعبٌ لم يعد لديه ما يبكي عليه سوى موائد سفرته الخالية.

سوريا الأمل

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.