في العمق

مؤتمر وميثاق وطني سوري في أمريكا

…هنا واشنطن…

ليس نافراً أن يعقد الثوار السوريون مؤتمرهم الوطني في واشنطن، بالرغم من بداهة الأمر في الوعي الثوري بأن أمريكا هي بيت الداء ومصدر كل الشرور التي فتكت وتفتك بكل السوريين، لكن النافر جداً أن ينبري لفيف من السوريين الأمريكيين للترتيب والتحضير لمؤتمر وطني قادم، وذلك بعد مضي اثني عشر عاماً من القتل والتدمير والتهجير والتركيع والتطويع والتطبيع، لحق بأهلهم وذويهم.

وهو الأمر الذي لازال قائمًا حتى اليوم دون أن نجد بين هذا اللفيف ممن كان من أولئك الذين قالوا “لا للاستبداد والدكتاتورية” وكانوا في الصفوف الأولى من المظاهرات التي أطلقت بركان الثورة السورية العظيمة.

وليس نافرًا، لو أن هذا المؤتمر جاء إثر انتصار الثورة وتمكنها من فرض خطابها الحر والمحق والمشروع، ومن كنس رأس العمالة القابع في دمشق.

وليس نافرًا كذلك، لو أن من يدعو إلى هكذا مؤتمر كان لفيفاً من الذين فتكت بمنازلهم وديارهم وأراضيهم أو انتهكت أعراضهم وهجرت الملايين منهم قسراً وغصبًا وعنوةً بفعل الموت والاعتقال والقتل المرعب، الذي مارسته ولازالت آلة الإرهاب الأسدية وحاضنيها الدوليين.

لقد انطلقت الثورة السورية، لا لكي تسجل للتاريخ أنها قدمت قرباناً مقابل حريتها ما ينوف عن المليوني شهيد ولكن دون جدوى، فها هي العلاقة بين الحاكم والمحكوم تتسرب ملامحها من بين ثنايا وحيثيات هذا المؤتمر وستعود لتعزف نفس المعادلة إياها، شعب محكوم ونخب حاكمة زيفاً ونفاقاً ودجلاً وادعاءً وتبعيةً موغلة في الإذلال والإفقار والإنسحاق، وتحت عناوين نخبوية براقة وحداثوية جذابة، وإنما لتسجل للتاريخ أنها ثورة ستسهم في تغيير معالم نظام عالمي قائم على كل الموبقات البشرية، نظام قائم على القوة الباطشة والأخلاق المهدورة والإنسانية المغيبة، ثورة ستقلب المعادلة ليحكم شعبها نفسه بنفسه، ولتنتصر ولو طال الأمد وعظمت التحديات.

منجد الباشا

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.