إن غياب السوريين بعلم الثورة في المظاهرات المناهضة للحرب الروسية على أوكرانيا خطأ كبير يتعين على الناشطين واللاجئين السوريين في الدول الأوربية بشكل خاص معالجته، والتركيز على حقيقة أن العدو هو واحد: إجرام بوتين وسياساته الاستعمارية المناهضة لحق الشعوب في اختيار حكامها ومستقبلها، واستهتاره بحياة المدنيين وبيوتهم ومستقبلهم.
لم تكن الشعوب الأوربية واعية تماماً لما يحدث في سورية، وساهمت ماكينة الدعاية الروسية والأسدية في النجاح في تصوير ما يحدث في سورية على أنه حرب أهلية، خاصة بعد حشر داعش وماعش وماشابههما في صفوف الثورة ضد الديكتاتور ظلما وعدوانا.
هذه فرصة قد لا تعوض، فلن يتعاطف معنا من لا يمسه الظلم والقهر والعدوان. وما تفعله روسيا وما ستفعله قريباً بعد تعثر مخططاتها في السيطرة السريعة على أوكرانيا، سيضع الأوربيين أمام حقيقة توحش بوتين وسياساته، وسيحرك ضمائر الشعوب الأوربية وغيرها ويصحح في ضمائرهم حقيقة ما يحدث في سورية بأنه جزء من عمليات روسيا الحربية الإجرامية للعودة لاحتلال نفوذ خسرته بسقوط الاتحاد السوفياتي، والتدخل في سورية لإبقاء الدكتاتور المجرم هو جزء من سلسلة بدأتها روسيا في الشيشان وتابعتها في جورجيا والقرم ودونباس مروراً بسورية والآن في أوكرانيا وبعدها دول أوربا الشرقية.
إن نجاح بوتين في تثبيت المجرم في سورية مقابل تحويل سورية إلى قاعدة متقدمة لمواجهة الناتو أعطاه الشعور الزائف أن بإمكانه إخضاع شعب بأكمله، ولم يضع في حساباته أن دول العالم تخلت عن سورية بسبب جغرافيتها البعيدة نسبياً عن مصالحها وأن أوكرانيا ليست كسورية، وبما والحال قد تغير بتجرؤ بوتين على الحديقة الخلفية لأوربا والناتو فستشعر الشعوب الأوربية أن نتيجة ما يحدث في أوكرانيا وفي سورية هو جزء لا يتجزأ من مستقبلها، وإذا نجح السوريون في الوصول بالشعوب الأوربية لهذه الحقيقة فسيكون ذلك فرصة كبيرة لإعادة شروط المواجهة بين الثورة وعصابة الأسد ومن يناصرها.
فهل يحسن السوريون الاستفادة من الفرصة السانحة الآن وفي الوقت المناسب قبل أن تضيع كما ضاعت عشرات الفرص من قبل؟
د.بسام العمادي
تقدمة إلى سوريا الأمل