دلالات اهتمام الروسي والأمريكي بدول الخليج العربي

اعتقد الكثيرون ان ما حدث ويحدث بين روسيا واوكرانيا من مواجهات عسكرية طاحنة منذ اكثر من ثلاثة أشهر لا يغير من الوضع الراهن في منطقة الخليج العربي ودولها العربية!! لكن الذي اجهض هذا الاعتقاد اهتمام الطرفين بوتين روسيا وبايدن الولايات المتحدة الامريكية ناهيك ان الصين الشعبية كانت سباقة من كلتيهما!! اول مؤشر لهذا الاهتمام المفاجئ تهديد بوتين بقطع إمدادات الغاز عن اوروبا وثاني مؤشر الموقف الذي تتخذه المملكة العربية السعودية تجاه الولايات المتحدة الأمريكية في عهد بايدن، هذا الموقف الذي يعتبره المحللون بالجديد و بالمعادي الى درجة ما!بعد تسلم بايدن الرئاسة بدرت منه مؤشرات تدل على التقليل من مكانة المملكة العربية السعودية كعامل مؤثر في سياسات الدول العربية في الخليج العربي خاصة بعد إعلان الامارات والبحرين تطبيع العلاقات مع الكيان الصهيوني رسميا. يبدو ان الجانب السعودي آثر التريث في كيفية التعامل مع الموقف او المواقف لنقل العدائية، جوازا، للإدارة الامريكية برئاسة بايدن وفي نفس الوقت أرسل عدد من المحللين رسائل غير مباشرة عن طريق مقالاتهم وتحليلاتهم الى الادارة الامريكية مفادها ان ما عليه النظام السعودي يختلف تماما ما كان قبله، أي ان محور ادارة الحكم في المملكة العربية السعودية هو ولي العهد محمد بن سلمان.نقطة التحول في سياسة بايدن تجاه السعودية كانت مع التقارب بينها وبوتين روسيا والمؤشر زيارة وزير خارجية روسيا الى السعودية. ثم رفض محمد بن سلمان، وفقا للآنباء والتقارير الصحفية زيادة إنتاج النفط اضافة الى الغاز الروسي من باب التعويض!! يعتبر هذا الامر نقطة تحول الخطاب السياسي الامريكي من التشدد الى عكسه حتى وصل الحال الى تبادل الزيارات الرسمية على اعلى المستويات. من الواضح ان إدارة بايدن كان ينتظر من اتباع سياسة الضغط على المملكة العربية السعودية، وربما التقليل من دورها الفاعل والمؤثر في الخليج العربي خاصة مع وجود مجلس التعاون لدول الخليج العربية، نقول كان بايدن، وبدفع مؤكد من الكيان الصهيوني، يدفع بإتجاه تسريع التطبيع مع الكيان الصهيوني كما فعلت الامارات والبحرين!التحول الى الاهتمام الاستثنائي كلا الطرفين، الولايات المتحدة الامريكية وروسيا، في ظل الصراع العسكري بين الاخيرة واوكرانيا الهدف منه السباق بينهما الى الطرفين يكسب الموقف السعودي. كما ان الهدف من هذا الاهتمام الاستثنائي ليس حبا بعلاقات ثنائية اوسع واقوى من السابق، انما كلا الطرفين، الولايات المتحدة الأمريكية ومعها معظم بلدان الاتحاد الأوروبي وروسيا، يحاولان كسب ود نظام المملكة العربية السعودية لصالح انتصار او خسارة في الحرب الدائرة بين روسيا وأوكرانيا!!!من جانب آخر يظهر ان إدارة بايدن أكثر اهتماما في تغيير سياستها السابقة، اي قبل اجتياح روسيا حدود اوكرانيا، تجاه السعودية اولا ثم الاقطار العربية للخليج العربي ليس بسبب الحرب الطاحنة، إنما هدفه أبعد من هذا بكثير، الصين! بايدن استطاع حتى الآن استمالة تأييد العديد من بلدان الاتحاد الأوروبي المتمثلة بحلف الناتو اتخاذ موقف مؤيد للرئيس الأوكراني والتعاون في إغداق جميع انواع المساعدات على أوكرانيا التي بلغت حتى الآن وبوقت قصير جدا مئات المليارات!نعتقد ان السيناريو القادم في حالة انتصار رئيس اوكرانيا وكسب الحرب ضد بوتين روسيا، رغم الشكوك العميقة، فان الوجهة القادمة لبايدن التوجه نحو الصين بمواقف عدائية أشد من السابق عن طريق جعل مشكلة تايوان كبش الفداء كما فعلوا ويفعلون مع رئيس أوكرانيا. في حالة تحقيق هذا الهدف الامريكي بالدرجة الاساس فانه لا يتحقق الا بإشعال حرب عالمية ثالثة حقيقية حيث جميع دول العالم ينقسمون الى عدة جبهات بين مؤيد ومعارض ولا أحد يستطيع التنبؤ بنتائجها الكارثية طبعا. لهذا كما نعتقد تحاول ادارة بايدن تقليم اذرع الأخطبوط التجاري والاقتصادي والسياسي للصين بدء من البلدان العربية للخليج العربي لأن لهم علاقات واسعة وعميقة جدا مع الصين في مختلف المجالات!!مآلات الحرب الدائرة بين بوتين روسيا وزيلنيسكي أوكرانيا هي أولا وقبل كل شيء حرب طرف يقاتل بالنيابة والثاني يريد تحقيق أهدافه. في جميع الاحوال فانها، اي الحرب، ستعيد بالتأكيد رسم خارطة العالم وفق النتائج، ومع كل هذا تبقى منطقة الخليج العربي في خضم العاصفة، إذ بعد ان كانت لها اهمية جيوسياسية تضاف لها اهمية اخرى، ربما تكون جديدة، الاهمية الجيواقتصادية وتجارية!!

سوريا الأمل

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.