المعركة بدأت…إطلاق النار لم يبدأ بعد

لوضع النقاط على الحروف لابد لنا من الاقرار إن المشروع الإنفصالي الذي ينادي به الفرع السوري لحزب العمال الكردستاني التركي في سورية هو جزء او مشهد من مشروع الحزب المعلن والذي يستهدف العبث بجغرافية وديمغرافية ثلات دول اخرى إضافة للدولة السورية…ولان تلك الدول لها من يدافع عنها وتتمتع بدرجات من الاستقرار وقوة السلطة المركزية وعوامل اخرى متعددة…إلا ان مشروع الحزب في سورية يعتبر هو الاخطر على مستقبل الوطن السوري هامة…حيث مازالت البلاد تعيش بخضم التداعيات التي اعقبت الثورة السورية ..حيث تتنازع  الجغرافية السورية قوى متعددة دولية وإقليمية كان للنظام السوري الدور الاكبر في استدعائها او استعدائها..
لازال الجسد السوري المريض لم يصل الى مرحلة النقاهة بعد …
تسعى امبراطورية ولاية الفقيه الى تحويل سورية للمحافظة 39 الايرانية..عبر عمليات جراحية معقدة وتمدد سرطاني خبيث تستهدف الوطن السوري ارضا وشعبا…
لايقل مشروع حزب العمال الكردستاني السوري خطورة على الوطن السوري الذي يسعى لقطع اجزاء رئيسية منه والحاقها بمشاريع خارجية
يتمتع مشروع الحزب الانفصالي بدعم دولي منقطع النظير من قوى متناقضة بل متصارعة احيانا غايتها تمزيق الوطن السوري واستهداف العمق التركي الذي يعاني من شرور المشروع ذاته..
تجازف الولايات المتحدة وغيرها من دول الناتو بتحالفها مع الدولة التركية العضو الرئيسي والفعال بالحلف في سبيل دعم تلك الشرذمة الارهابية والتي افضت بتركيا الى مد جسور لتعاون عسكري لانعرف مداه مع عدو الناتو الاول …
ومؤخرا ظهر للاضواء دعم اثنتان من دول رموز الحياد العالمي(السويد وفنلندا) لتلك الشرذمة الارهابية  .
ان خطورة مشروع الحزب على الوطن السوري بات يعلمها الجميع اما خطورته على تركيا فهو ليس كما يعتقد البعض بامتلاك اسلحة خفيفة ومتوسطة تهدد العمق التركي امنيا او عسكريا بل بعدم خلق بؤرة او امثولة او سابقة لتمزيق المجتمع التركي بتحريضها على الاقتداء بنموذج سوري يؤدي لضياع جهود قرن مضى من محاولة تركيا بناء نموذج الدولة الأمة…
لذلك ارى ان المنطقة الامنية التي ترنو لها الدولة التركية (بغض النظر عن السلطة في أنقرة) هي داخل تركيا وان المنطقة الامنة السورية التي تطالب بانشائها منذ بواكير الثورة السورية لحماية الفارين من اجرام القمع الاسدي الايراني (والروسي تاليا) ولمنع تدفق المزيد من الهاربين من الجحيم السوري الى أراضيها ..ولمنع تشكيل ولو حزب مدني يدعو الى تفتيت الدولة والمجتمع التركي ويدرٌس في مناهجه التربوية دولته المتشودة بخريطة تقتطع اكثر من ثلث الاراضي التركية.
لذلك إن قرار المواجهة مع حزب العمال الكردستاني واذرعه هو قرار استراتيحي تركي متخذ ومتوافق عليه وفي اي بقعة من العالم وليس في تركيا او جوارها العربي (كما هو حاصل الان في سورية والعراق) وتعتبر القوة  الخشنة احدى ادوات ذلك الصراع .

تواصل العمليات التركية في سورية والعراق ضد الBKK

لاتدخر جهدا القيادة التركية في شن عمليات عسكرية خارج اراضيها ضد اذرع الحزب الارهابي فقد تمكنت من نقل الصراع الدامي (والذي كلف الطرفان عشرات آلاف الضحايا) الى خارج الاراضي التركية الى جبال قنديل اولا ثم الى سورية عندما حاول النظام السوري تصدير ارهاب الحزب الى تركية انتقاما منها على دعم قوى الثورة السورية واحتضان الفارين منهم الى داخل اراضيها
من ضمن عمليات تركية الاربعة في سورية كانت الثانية والثالثة منها لاجهاض المشروع الانفصالي وتمكنت من كبح جماح تمدده الى البحر المتوسط…ولن تفرٌط أنقرة في عملية خامسة وسادسة وسابعة الى ان ينتهي ذلك المشروع في سورية والعراق والذي تدعمه كل الدول التي تخشى صعود مارد عثماني بعد انتهاء اغلال لوزان في العام القادم..
مايهمنا نحن السوريون بالدرجة الاولى هو ان كل منطقة يتم طرد ارهاب الحزب الانفصالي منها بمساعدة الجيش التركي يعود لها سكانها الاصليون الذين طردهم منها الحزب تحت حجج واهية اهمها اجتثاث داعش والتي هي عنوان لاستئصال العرب السوريين في استنساخ فج لتجربة الميليشيا الطائفية في العراق بحربها على العرب السنة واقتلاعهم من اراضيهم تحت عناوين إجتثاث البعث وداعش والارهاب.الخ
لم تتوفر لانقرة ظروفا مثالية كما هي متوفرة بعد التورط الروسي الامريكي بالحرب بالوكالة في اوكرانيا وهي معركة صفربة لاتقبل انصاف الحلول لان الحلف الغربي وروسيا لديهم الامكانات للاستمرار طويلا بها..لانها معركة على إنزال الولايات المتحدة من عرشها
معروف عن الادارة التركية مرونتها وابراغميتها بتحقيق مصالحها واقتناص اشباه الفرص وقد قدمت لها الحرب في اوكرانيا فرصة ذهبية لذلك لتنافس الدولتان المتصارعتان على كسبها الى جانبه..
كانت المقاربة الروسية لاحتمالية شن انقرة عملية عسكرية جديدة في الشمال السوري يمكن اطلاق عليها الغموض البنٌاء اتجاه انقرة وكانت الاضواء الخضراء تطل براسها من بين تصريحات لافروف او الاعلان التركي عن اتصال هاتفي هام جرى بين الرئيسين الروسي والتركي وعدم تعقيب او توضيح او تحفظ من الكرملين على مااوردته انقرة عن مضمون المحادثة ..
ان تغير موازين القوى الذي كان احد ارتدادات انغماس الجبارين بصراع ضروس يتوجب فيه على الروس ان يدفعوا للاتراك في سورية مقابل ان يقبضوا منهم خارجها   ..ولا اظن ان الدوريات الجوية او نقل بعض القوات الروسية وانتشارها ببعض اماكن العمليات المفترضة ليست موجهة للاتراك بل للنظام وحلفائه الايرانيبن بعدم العبث باي تفاهم تجربه موسكو وانقرة لان تلك التفاهمات تصب في صميم الامن القومي الروسي والمصالح العليا الروسية ولايجوز التشويش على اي اتفاق تم..وما على قوات النظام والميليشيا ذات التابعية الايرانية الالتزام بها .

المماحكة (وليست الممانعة)الأمريكية للعمليات المرتقبة

ليست الولايات المتحدة بوارد التفكير الجدي بوضع فيتو على عملية تركية جديدة او حتى الاشتباك مع قوات تركية (او تدعمها تركية) في هذا الظرف بالذات والتي تسعى واشنطن لاصلاح علاقاتها السيئة مع حلفاءها المفترضين بالمنطقة كالمملكة العربية السعودية ودولة الامارات العربية ومصر..فكيف بتركيا الدولة المشاطئة لروسبا واوكرانيا في البحر الاسود والتي تملك اقفال اغلاق المضائق البحرية بوجه موسكو اذا ماتطور الصراع الى تلك الدرجة التي ترغب فيه دول الناتو خنق روسيا تمهيدا لخسارتها للحرب
ستنفذ انقرة في المرحلة الاولى ما صرح به الرئيس التركي علنا وهو تحرير منطقتي تل رفعت ومنبج من رجس العصابات الارهابية ..ويمكنه الانتظار لاستكمال بقية المناطق في وقت لاحق قد لايتعدى اشهرا لاستغلال فرصة اخرى قد تكون سانحة اكثر باستمرار استنزاف الروس والامريكان بحربهم الطويلة وحاجة كل منها لانقرة والتي قد يكون موقفها اقوى من الان بفعل الانهاك الذي حل بالطرفان.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.