بقلم [د. محمد حاج بكري]
كان للخلاف الخليجي بإعتباره أكبر الداعمين للثورة السورية تداعيات خطيرة استغلها نظام الأسد و ظهر ذلك جليا على لسان فيصل المقداد اثناء الأزمة الخليجية بقوله ( أعتقد ان هذه المهزلة توضح للقاسي و الداني أن سوريا كانت دائما على حق مضيفا نقول منذ البداية ان قطر و السعودية متورطتان في كل الإرهاب الذي يمارس على الأرض السورية) لقد كانت الخلافات الخليجية بلسما شافيا لأمراض الأسد و نظامه.
الدور الخليجي عزز مكانة الثورة السورية و حقق لها إنجازات متعددة من خلال عزل نظام الأسد عن الجامعة العربية و مؤسساتها و حتى المحافل الدولية و الإقليمية و وقوفها ضد الفيتو الروسي بالإضافة الى المساعدات الإنسانية و الإغاثية و غيرها.
اليوم يتوحد الصف الخليجي و معه مصر في وجه الخطر الإيراني و تتعزز مكانة مجلس التعاون الخليجي بسبب وحدته بعد اختلالات سياسية, وإقليمية و دولية دامت لأربع سنوات اثرت على مفهوم الدفاع الخليجي المشترك.
البيان الختامي للقمة الخليجية كان داعما و محددا و واضحا للثورة السورية و مطالب الشعب السوري فقد أكد في مضمونه على إعتماد مبادئ جنيف (1) و قرار مجلس الأمن 2254 للحل السياسي في سوريا بالإضافة إلى تأكيده صراحة على إدانة الإحتلال الإيراني و تدخله في سوريا و طالب إيران بإخراج كافة ميليشياتها مع حزب الله اللبناني كما رحب المجلس بقرار الولايات المتحدة الأميركية بتصنيف الحرس الثوري الإيراني كمنظمة إرهابية و أكد المجلس في بيانه على عودة اللاجئين السوريين إلى مدنهم و قراهم التي أخرجوا منها وفق الأسس و المعايير الدولية و رفضه لأي تغيير ديمغرافي في سوريا و الحفاظ على وحدة الأراضي السورية و استقلالها و سيادتها و تزداد أهمية البيان الختامي بحضور جمهورية مصر العربية و توقيعها على مخرجاته.
يتضح في البيان الختامي مدى الإهتمام الكبير في القضية السورية و التشديد على القرارات الدولية و مرجعيتها و تراتبية الحل السياسي المبني أساسا على هيئة الحكم الانتقالي و هذا يؤكد بجوهره على عدم عودة أي علاقة سياسية و وضع حد لخطوات التطبيع التي اتخذتها بعض الدول مع نظام الأسد و عدم الإشارة الى التواجد العسكري لتركيا على الأراضي السورية هو نقطة إيجابية للثورة و يدرك المتابع تماما أن إرادة أميركية حقيقية تملك مشروعا سياسيا تشارك في هذا البيان .
اليوم يتبلور خطاب عربي جديد بعد أن كانت تتنازعه الإختلافات و الرؤى حول قضايا متعددة و منها القضية السورية و كان لغياب الدور العربي الفعال اثر بالغ على مسار الحل السياسي بشكل سلبي فقد توغلت ايران و ميليشياتها الطائفية و من خلفها التطرف و الإرهاب في مختلف نواحي الحياة السورية الاقتصادية و الاجتماعية و العسكرية و التعليمية و الدينية بموافقة و رضى من نظام الأسد و المواجهة العربية اليوم للتغلغل الإيراني تحتاج الى رؤية استراتيجية فاعلة قابلة للتطبيق لتعود سوريا إلى الحضن العربي كجزء أساسي مهم من الأمن القومي العربي و لا حل إلا برحيل بشار الأسد فاستمرار حكمه لمرحلة قادمة يعني مزيد من السيطرة و الهيمنة لإيران في سوريا.
من المؤكد اليوم أن نظام الأسد فشل في كل شيء و هو يترنح و يتخبط على كافة المستويات و لم يعد لديه ما يقدمه للشعب السوري سوى القتل و الدمار و الجوع و المزيد من الجرعات الطائفية مع الإستمرار في مسيرة الفساد و النهب لخيرات البلد و بالمحصلة لا يملك فرصة للبقاء.
مستقبل و نجاح الثورة السورية يرتبط إرتباطا وثيقا بوحدة الصف الخليجي و بدعمه على كافة المستويات و هو محرك أساسي و النجاح الأكبر يكمن في عودة العلاقات الخليجية و المصرية و التركية إلى مسارها الطبيعي.
د.محمد حاج بكري.
إقرأ أيضاً: أيها السوريون: لا تفرحوا بوجود أي أجنبي في سوريا
[…] إقرأ أيضاً: القمة الخليجية والثورة السورية […]