[بقلم د. محمد حاج بكري]
الخوف سمة وصفة وغريزة بشرية تلازم الانسان من شيء ما فهناك البعض من يخاف من الاماكن العالية أو حتى ركوب الطائرات و الابحار بالسفن أو يخاف من كائن أو صوت ما وهذه الاشياء على سبيل المثال فقط لا الحصر فالرهاب أو الفوبيا (هو مرض نفسي يعرف بأنه خوف متواصل من مواقف أو نشاطات معينة عند حدوثها أو مجرد التفكير فيها أو أجسام معينة أو أشخاص عند رؤيتها أو التفكير فيها. هذا الخوف الشديد والمتواصل يجعل الشخص المصاب عادة يعيش في ضيق وضجر لمعرفة بهذا النقص )
في نظام الأسد الديكتاتوري المستبد الذي همش مبادىء العدل والكرامة والمساواة والحرية بل وقضى عليها فى تكريس وتمكين للحكم الاستبدادي السلطوي المتسلط على الشعب السوري يحدث تلاصق وثيق بين الطاغية المستبد وشهوة وجنون السلطة تصل الى حد العشق اللا متناهى فتصبح حياة الأسد الديكتاتور مرتبطة ببقاءه واستمراره فى السلطة لأطول فترة ممكنه ولتحقيق ذلك عمل على تنظيم حاشية من طبقات المجتمع المختلفة على رأسها الأقارب والاغنياء من رجال الاعمال وأصحاب السطوة والحظوة والنفوذ والسلطة وقضاة واعلاميون انتهاء بالمجرمين مايطلق عليهم بالشبيحة كل هؤلاء يمثلون حصنا وسياجا لحمايته ويروجون لقدراته الخارقة ولافكاره حتى لوكانت مخالفة للاخلاق والمبادى الانسانية وبالمقابل يستفيدون من وراء تأييده بالمزيد من الاموال والثروة والسلطة وبالمحصلة هي علاقة تبادل منفعة بين طرفين كل منهم يسعى لحماية الاخر وللدعم المادى والمعنوى
وعلى الرغم من كل هذا فكلاهما يشعر بالخوف دوما ويفتقد الى الامان فهم فى قرارة انفسهم أي الأسد وحاشيته يدركون جيدا أنهم يرتكبون جرائم رهيبة وخطيرة في حق الشعب السوري ويسرقون حقوقه وثرواته وكرامته وحريته وارادته بل وانسانيته لذلك هم دائما يشعرون بالخطر ممن حولهم ومن الشعب الذي ثار وانقلب عليهم لذلك يسعون دائما لإثارة القلاقل والخوف من الاخر والطائفية كما يطلقون بين اواسط الناس من أفكار لاوجود لها في الواقع أو يضفون عليها شيء من الجدية عبر وسائل الإعلام حتى تصل الى أكبر قدر من المصداقية وخاصة لأن المجتمع بالفعل يعانى من حالة توتر وسيولة شديدة ونقص في المؤن وارتفاع معدلات الفقر والبطالة والجوع والمرض فالأسد وحاشيته يستغلون حالة الهشاشة المجتمعية ويلعبون عليها ومن الطبيعي جدا أن يخاف الناس من زيادة البؤس المعاناة فيتماهون مع ادعاءات الطاغية وحاشيته حرصا على حياتهم ولقمة عيشهم
هذا مافعله الأسد تحديدا عندما ربط فوبيا اسقاط الدولة بإسقاطه وأصدر الاوامر لحاشيته بالترويج لها داخل المجتمع السوري لكن مالا يدركه عامة الشعب أن الدول لاتسقط بسقوط الطغاة ولا الانظمة الاستبدادية انما تسقط الدول بسقوط الشعوب فالأنظمة تذهب ويأتي غيرها أما الشعب فهو باق وتظل الدولة باقية ببقاءه لكن الأسد وحاشيته استغلوا الظروف المجتمعية السيئة التي يعيشها السوريين والتي هى صنيعتهم وباّياديهم من جهل وفقر ومرض على مدار نصف قرن من الزمن ليروجوا بان الامر سوف يزداد سوء اذا سقطت سورية وحقيقة الامر هم يخافون على سقوطهم هم بعد أن اتضح فشلهم وفسادهم ومقدار ثرواتهم وسوء ادارتهم للدولة وبدى للجميع أنهم تشكيل عصابة مافيا سطت وسيطرت على سورية ارضا وشعبا وثروة
فالعصابة جميعها مرتبطين معا بحبل وثيق واحد ويعلمون تماما انه اذا سقط الأسد سوف يلتف الحبل حول عنقهم جميعا وأن طوق النجاة يكمن في نشر الاشاعات والترويج للخوف بين افراد المجتمع السوري وترهيبه من الاخر حتى يغضوا الطرف عن اجرامهم وبذلك يأمنوا غضبهم فالغاية من ذلك ادخال الشعب في دوامة عميقة تخفى فيها كل الحقائق وتظهر فيها الاكاذيب والمعتقدات المبالغ فيها الى حد بعيد والمطلوب من الشعب الان أن يستفيق ويعي ويدرك انه محاط بهالة من الأكاذيب التي يختلقونها من أجل الحفاظ على حياتهم وسلطانهم وثرواتهم التي نهبوها من الشعب
هناك ادلة كثيرة من التاريخ لدول عديدة حكمها طغاة مستبدون نكلوا بشعوبهم ثم ثار عليهم الشعب فأسقطهم واسقط انظمتهم ولم تسقط الدولة بل على العكس تماما قامت من جديد بإرادة الشعب وان كانت مازالت تعانى بعض الشيء من اّثار الانظمة السابقة مثل رومانيا وشيلي والارجنتين والبرازيل وغيرهم من الدول التي عانت كثيرا من الانظمة الديكتاتورية ولنا فيها عبرة وعلينا أن لانمكنهم من ادخال الخوف والرعب الى نفوسنا والتلاعب بمشاعرنا والسيطرة على ارادتنا ونكسر حاجز الخوف داخلنا ونواجههم وجها لوجه فاذا رأوا منا عزيمة وارادة وقوة بأس سيتراجعون كثيرا الى الوراء ومن خلفهم الخزي والعار الذى سيلاحقهم لسنوات عدة ان عاشوا حتى لو داخل السجون بسبب جرائمهم القذرة في حق هذا الشعب
إقرأ أيضاً: مهر حرية السوريين الغالي