حملة ضارية يتم شنها هذه الأيام في أمريكا على السعودية والامارات أيضا. لا نتردد في القول انها حملة قذرة يختلط فيها الانحطاط السياسي والأخلاقي بالحقد والعنصرية والبجاحة المنقطعة النظير. الحملة يشارك فيها ساسة ونواب وأجهزة اعلام وتحظى بتعاطف أو بالأحرى تأييد الإدارة الأمريكية.
الحملة هستيرية بكل معنى الكلمة.
نواب امريكيون يطالبون بالانتقام من السعودية وبسحب جميع القوات الأمريكية وقطع إمدادات قطع غيار الطائرات ومنع شركتي ريثيون وبوينج من البيع للمملكة. بل ان البعض ذهب الى حد التهديد بقطع العلاقات مع السعودية وتطوع احد الكتاب الأغبياء بمطالبة إدارة بايدن بتوجيه ضربة عسكرية للسعودية.
في غضون هذا يكيل هؤلاء الساسة والكتاب الشتائم للسعودية ويوجهون لها الاتهامات من كل نوع والكل يقول ان أمريكا يجب ان الا تعتبر السعودية حليفا فهي ليست كذلك.. وهكذا.
الأمر العجيب حقا هو السبب الذي يقف وراء هذه الحملة الأمريكية الهستيرية على السعودية.
السبب هو القرار الذي اتخذته مجموعة أوبك بلس بتخفيض انتاج النفط بمقدار مليوني برميل يوميا.
على الرغم من ان القرار ليس قرارا سعوديا وانما قرار مجموعة أوبك كلها الا ان الأمريكيين اعتبروا ان السعودية هي المسئول الأوحد عنه واعتبروا ان القرار يمثل اعتداء سعوديا على أمريكا وتعمدا للإضرار بها ويجسد تحالفا مع روسيا لاستهداف أمريكا والأمريكيين.
حتى الإدارة الأمريكية نفسها أعلنت بلسان وزير الخارجية الأمريكي انها تدرس الرد على السعودية بسبب هذا القرار.
هذه الحملة الهستيرية لا يجب ان تمر مرور الكرام. يجب التوقف عندها مطولا وعند ما تعنيه بالضبط.
بداية من الصفاقة حقا ان يتحدث الأمريكيون الذين يشنون هذه الحملة عن السعودية كما لو كانت هي التي تنكرت لعلاقات التحالف مع أمريكا او خانت هذا التحالف.
هؤلاء ينسون ان أمريكا هي التي ضربت التحالف مع السعودية ودول الخليج العربية في مقتل وأظهرت احتقارا لمصالح الدول والشعوب الخليجية العربية. العالم كله يعرف ما جرى. أمريكا تخلت عن المنطقة وقالت انها لم تعد تعنيها كثيرا. وشنت حملات ظالمة لا أول لها ولا آخر على السعودية ودول الخليج العربية وتواطأت مع ايران على حساب كل الدول العربية.
أليست صفاقة ان يأتي الأمريكيون بعد ذلك ويتهموا السعودية بانها تنكرت للتحالف؟.
الأخطر من هذا في هذه الحملة الأمريكية على السعودية انها تجسد بجاحة عجيبة وتقوم على افتراض استعماري عنصري غريب.
هذه الحملة تقوم على افتراض ان السعودية والامارات وكل دول الخليج العربية وكل الدول أعضاء أوبك يجب أن تبني سياساتها وتتخذ قراراتها وتجند كل امكانياتها وقدراتها لخدمة المصالح الأمريكية لا لخدمة مصالحها ومصالح شعوبها.
دول أوبك حين اتخذت قرار خفض انتاج النفط فعلت ذلك لأن هذا هو ما تقتضيه مصالحها وما تقتضيه أوضاع أسواق النفط في العالم. لكن امريكا تعيش أوضاعا صعبة وتتوقع ان القرار سوف يؤثر عليها بالسلب في مجالات عدة. وادارة بايدن تخشى ان تؤثر هذه الأوضاع السلبية على فرصها في الفوز في انتخابات الكونجرس القادمة.
بعبارة أخرى أمريكا تريد ان تحمل السعودية ودول الخليج واوبك مسئولية أزمتها التي اوجدتها بنفسها ومسئولية فشلها في معالجة أزماتها وتجنب الغضب الشعبي. أمريكا تريد من السعودية ان تنقذها وتخلصها من أزمتها وترى ان هذا هو الأمر الطبيعي.
هو كما نرى منطق استعماري بائس وفي منتهى السخف والاستفزاز.