في وقت شهدنا فيه مواقف خجولة من هياكل المعارضة من المصالحة التركية الأسدية المزعومة، وحتى أحيانا تأييد حار لها، بعكس إرادة الشعب السوري، الذي رفض المصالحة والتطبيع مع النظام الخائن القاتل وأكد من خلال عشرات الاحتجاجات الشعبية الجماهيرية على مطالب الثورة السورية، وقد عمت شمال وغرب سوريا، وكان لها دور حاسم في فرملة الاندفاع التركي نحو المصالحة وليس تغييره.
ولكن الصوت الشعبي يجب ان يكون له دعم من المعارضين الوطنيين والنخب والمثقفين والمنظمات الوطنية بأنواعها. وكل ذلك يقودنا الى ما تحدثنا عنه مرارا ويتحدث عنه كل الشرفاء بأن هذا الشعب المدني السلمي العظيم الذي فجر أكبر ثورة ضد عصابة مجرمة مدعومة دوليا هو اليوم ينتفض ويدافع عن الثورة وعن دماء الشهداء، أما النخب، وأنا واحد منهم، تكتفي بالتحليل والتنظير والنقاش والحوار دون ان نصل الى نتيجة عملية مفيدة لشعبنا في هذه الظروف العصيبة فعلاً، حيث تجري محاولات ليست تكتيكية وانما استراتيجية لإعادة تأهيل القاتل وتاجر المخدرات والاعتراف بشرعيته. واليوم على ما يبدو يتأكد ألف بالمائة ان الشعب السوري يقف وحيداً يجابه كل المعادين للثورة في الداخل والمنطقة والعالم. وواجبنا ان نقدم مقترحات علمية وان نستنفر قوانا للقيام بشيء او للبدء بعمل جدي للخروج من هذه الحالة المستنقعية الكارثية على شعبنا وعلى كل مؤمن بالثورة. ومن أجل ذلك يجب البدء بخطوة في تداعي الناشطين والوطنيين والنخب المستقلة في اجتماع واسع لبحث ما علينا ان نقوم به سوية وارى ان يتجه الجهد نحو عقد لقاء وطني واسع ينتخب قيادة وطنية ثورية نزيهة ومستقلة تماماً.
الثورة عقل واخلاق وموقف جذري
يتفق كل الشرفاء في الثورة السورية على فشل هياكل المعارضة الرسمية وارتهانها الخطير للخارج. وعندما نقول ان مؤسسة لمعارضة فاشلة وانفصلت عن مطالب وطموحات السوريين فهذا يعني ان كل من يتابع العمل فيها من أشخاص هو موضع تساؤل. ومع ذلك يجب ان نتحدث بشكل سياسي ولا نشخصن الأمور ونقزم قضية الثورة العظيمة، مع أننا نعرف عصابة الائتلاف وأن كل من يجلس في الائتلاف يتحمل مسؤولية أمام السوريين وسيأتي يوم تتم محاسبتهم.
ولكننا اليوم شهدنا حدثاً في مدينة اعزاز بالهجوم والضرب على رئيس الائتلاف الشيخ سالم المسلط، وبرأيي جب النظر إلى الحادث من عدة جوانب:
- هناك نقمة على الائتلاف ومشتقاته منذ سنوات وخاصة بعد موقفه الضعيف وموقف رئيس حكومته المؤقتة المؤيد للمصالحة مع النظام الاسدي.
- يجب ان نفهم بأن الشعب هائج ومستنفر على ضوء الخطر القادم على بيع قضيته واجهاضها تماما بإعادة النظام الى الحاضنة السياسية الرسمية في المنطقة وبالتالي سيلغى دور أي نشاط معارض له بل سيصنف كارهابي.
- لماذا يذهب الشيخ سالم المسلط إلى هناك لوحده وأين قادة الائتلاف الآخرون. يبدو أن الأمر غير سليم وغريب أيضا.
- بالرغم من خطأ تقديره والتورط في الوجود في اعزاز في وقت هيجان شعبي، فإن ما حدث من اعتداء وضرب لا يمكن تصنيفه الا كتشبيح. فنحن في ثورة سلمية ضد النظام وشبيحته، ولا يمكن استخدام القوة والضرب ضد شخصيات محسوبة على المعارضة لأنها ارتكبت أخطاء سياسية
- علينا النقد بطريقة سياسية حضارية والعمل بشكل سلمي لإجراء تغيير داخل الحراك ومؤسساته.
وتدفعنا هذه الحادثة المؤسفة إلى التفكير بعقل الجماعة وأن نقيم ادوار المؤسسات بشجاعة ولا نبرئ أحد وعلينا البد وفتح صفحة جديدة بعقلية ثورية جديدة، للتخلص من العفونة التي تعشعشت في عقول الكثيرين. فاغلب السوريين مع الثورة ولكنهم ليسوا جميعا يتحلون بالوعي الثوري العقلاني، وما زالت تسيطر الأفكار والممارسات الشعبوية التي تميّع قضيتنا العادلة.
موقفي من رئاسة المسلط للائتلاف:
كتبنا كثيرا عن فساد المؤسسات المعارضة وفشلها وهذا يعني فشل كل من يقودها ويهيمن على القرار وكل من ينطوي تحت قيادتها. وقد نصحت الاخ سالم المسلط عند استلامه هذا المنصب الذي اعتبرته ورطة كبيرة وبعثت له رسالة عند استلامه المنصب وكلمته بصراحة عن موقفي من الائتلاف واعربت له عن فقدان الأمل في إصلاحه بسبب هيمنة عصابة عليه ارتهنت للخارج ومشكوك في وطنيتها.
وكررت كلامي للأخ سالم المسلط من باب المودة في ندوة الدوحة فبراير 2022 وقلت له انا انتقد بشدة الائتلاف كمؤسسة فقدت وطنيتها وتمثيلها للشعب السوري، وأن الناس حاليا لا تنتقد شخصك يا شيخ سالم فأنت جديد في المنصب، فهم ينتقدون منصبك، وان لم تتمكن من قلب الأمور جذريا في الائتلاف فيجب عليك ترك المنصب والحفاظ على سمعتك الشخصية فأنت وجه عشائري محترم. ولم اخف قناعتي بأن الائتلاف ومشتقاته غير قابلة للإصلاح مثل نظام الأسد.
وبنفس الوقت الثورة لها حق استثنائي بطرق التعبير على أن لا تسيء لسمعتها وتشوه صورتها المشرقة، وما كان للاخ سالم أن يذهب للداخل فالوضع ساخن والناس مستنفري.
كما ادعو الشيخ سالم المسلط، ابن الشيخ عبد العزيز المسلط المعروف بشجاعته وكرمه وموقفه الرجولي، للاستقالة فورا من الائتلاف كله، حفاظا على ما بقي من سمعة.