نصائحي للمحمديّن، ابن زايد وابن راشد.
أقدّر ردة فعل الإمارات، جراء التجاهل الأمريكي، بعد سلسلة الخدمات والأدوار الوظيفية، بل وأعي المخاوف وحتى الحساسية، جراء إعلان جوزيف بايدن، قطر حليفا استراتيجيا من خارج الناتو، بعد العداء الذي تراكم، بين الدوحة وأبو ظبي، ولم تمحه الشكلانيات الدبلوماسية ولا المصالحة الضرورة.
وربما أقدر، سعي الإمارات، بردة فعل، للتحالف مع تركيا ومد اليد لموسكو، بل وربما لاحقا، ايرام اتفاقات خطرة، مع طهران وبيجين.
لترسل لواشنطن، أني ويمكنني ولا أفتقر للوسيلة والأساليب، ولكن، وهنا أنصح:
رقم واحد ألّا يغيب عن خلد المحمدين، حجم الامارات، سياسيا واقتصاديا وعسكريا، وقدراتهم المحدودة والمحددة، فيما لو غدت أبو ظبي معطلا للخطط والمشروعات البعيدة، إن بتشكيل تحالفات ورسم جغرافيا جديدة، أو بإعاقة مشروع استهداف موسكو وربما تثوير شعبها أو تفكيكها.
رقم اثنان، أنصح بمزيد الاهتمام بالداخل والانسان الاماراتي، عبر التنمية ومشروعات اقتصادية، فتلك هي القوة الحقيقية والحصن الوحيد، والابتعاد عن”أول” و”أطول” فالأبراج وزيارات الفضاء ومراكز الوهم، ليست حصونا وقت الأزمات والشدائد.
رقم ثلاثة، أنصح بالعودة لنهج وأسلوب الراحل زايد، إن بجذب الرساميل وربط مصالح العالم بالامارات، أو الأهم، المحافظة على دور الموّفق عربيا ولو من جيب الامارات، وترك الخيال والوهم بأننا بتنا عرابا أو حجر زاوية أو قوة لا يمكن تجاهلها.
رقم أربعة، إسرائيل والتطبيع معها، ليست حماية من استهداف الغرب وواشنطن، ليس فقط لأن الدولة العبرية خوانة وسبق أن رمت كثيرين بعد اتفاقات واستثمارات، بل يضاف لذلك، أن مصالح واشنطن تنفذ جلها تل أبيب بالمنطقة، ونتحامق إن فكرنا بغير ذلك.
وما يتعلق بالزيارة الشخصية لبشار الأسد، لدبي وأبو ظبي، فأراها تستوجب نصيحة إضافية.
قلت شخصية، لأنها ليست رسمية بدليل الجلسات غير البروتوكولية، والصور المهازل وما يمكن أن تستخلص منهما.
هنا، أقدر أو أتوقع، أن الزيارة بطلب شخصي، إن لم أقل أوامر من فلاديمير بوتين، للضيف والمضيف.
وأتوقع أن الهدف منها مزدوج، ركنه الأول سياسي إعلامي، يتعلق بالترويج لكسر العزلة والحصار عن نظام دمشق، ولا يبتعد هذا الركن أيضا، عن تخفيف الحمولة عن موسكو، بوقت زيادة أعباء غزو أوكرانيا.
وأما الركن الثاني، فأعتقده مالي له علاقة بأموال الأسد ومخلوف، إن للتصفية والاسترجاع أو لتحويلها للدائن الروسي الذي ستتعالى استغاثاته جراء العقوبات والحجز والحصار.
والنصيحة هنا، ليس في صالح الامارات، سياسة وشعبا واستراتيجية، أن تكون أداة لموسكو ومعيدة تدوير عصابة دمشق، وذلك لأسباب تبدأ ولا تنتهي.
إن قلنا أولها الوقوف إلى جانب القتلة والمستبدين، وعقابيل ذلك على الامارات وعلى الصعد كافة، ربما لا يكون آخرها دفش أبو ظبي كنتوء معطّل ما يستوجب على واشنطن تسريع الاستهداف.
أيضا، أقدر التوريط الذي وضع حكام الإمارات، أنفسهم وبلادهم به، وأعي مخاطر العودة بعد قيادة الثورات المضادة والتحالفات وخناق إسرائيل، وربما الأهم، الخيبة من واشنطن جراء التخلي، بيد أن العودة بتدرّج لنهج وحلم المرحوم زايد، لم تزل ممكنة، حتى بتصفية الخلافات داخل الامارات، سواء بين الأخوة أو مع حكام دبي ورثة راشد آل مكتوم.
المقال السابق
المقال التالي